للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مصري ولا حرَّك شفتيه بها كاتب تهييجاً لأوروبا بالوهم وحثاً للإنكليز على السعي ضدنا فإنهم لا يتأَّلمون في بلادهم إلا من مطالبة المسلمين بحقوقهم تعصباً منهم ثم أنهم يرمون الشرقيين بما لم يوجد إلا في الإنكليز فإنهم لو رأوا منشية إسكندرية وأزبكية مصر وخمارات البنادر والريف ورأوا انهماك الناس في شرب الخمور والانصراف عن المساجد لقالوا أن بعض المصريين غير متمسكين بدينهم ولم يقولوا أن هناك تعصباً دينياً ولكنهم يكذبون على من لا يعلمون من شأن مصر إلا ما يطبع في التمس والدلينوز وجرائد إيطاليا ولا يرى السائح منهم إلا نزل شبرد وما حوله من الطرق المنظمة فيظن أن مصر

كلها صارت في هذا النظام على أيدي انكلترة فيعود ويملأ جرائدهم بما فعله الإنكليز من الإصلاح في مصر وبالجملة فإننا في حاجة لهجر الباب الأجنبي وملازمة أبواب حكامنا الوطنيين مع المحافظة على حقوق المستوطنين والمجنازين وعدم التعرض لشيء مما يختص بالسياسة العالية أي مما يختص بالملوك فإن زيارة بعض الأفراد لأجنبي تزين له السعي في بسط سلطته وتهيئ له أن الأمة من هذا القبيل وربما أوهم هذا الزائر أنه ينوب عن بلده فيزداد غروره وتقوى عزائمه على أحداث العراقيل أمام الوطنيين. وحيث أن انكلترة لها مصالح بمصر كبقية الدول ولكنها ترى أن مصالحها أعظم من مصالح غيرها فنحن مع صرف النظر عن مصالحها نشكرها على ما قدمته لنا من دروس التهذيب والتأْديب وما هدتنا إليه من تعلمينا المطالبة بحقوقنا وتمييزنا بين الضار والنافع وتعريفنا الفرق بين السلطتين الوطنية والأجنبية وهذا باب يلزمنا شكرها على تعبها في تأْديبنا مدة إحدى عشرة سنة حتى رشحتنا للأعمال وهيأَتنا للمحافظة على الخصائص

<<  <   >  >>