للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعند هذا الحد يقف الفكر مستعظماً هذه الأعمال في تلك الأيام الخالية من المعارف المكتنفة بالعقبات والصعوبات وقلة المال والرجال ويرى العاقل أن عمل المرحوم محمد علي باشا عمل أمير عالي الهمة بعيد الغور في نظر العواقب وأنه ربي من المصريين رجالاً ورشحهم بالتمرين في الأعمال حتى استلموا إدارة حكومته باستعداد واستحقاق. ولا يعترض على هذا التأسيس باستعمال بعض الرجال الذين لم يدخلوا المدارس أو دخلوها وغلبهم حب الاستبداد فإن تأسيس الممالك يحتاج للنقض والإبرام واستعمال ما فيه الكفاءة وما يصلح لان يكون كفوءاً لفراغ البلاد إذ ذاك من المهذبين خصوصاً في مثل حالة مصر أيام استيلاء المرحوم محمد علي باشا عليها فهذا أمر مغتفر لا يؤاخذ ويعترض به إلا جاهل بوضع قواعد الملك المدني في عصر همجي أو متعصب لا ينظر ما كان عليه آباؤُه وبلاده في تلك المدة الخشنة ولو أنصفه المعترض وقاس المدة التي أنقذ فيها مصر من أيدي الجهل والدمار وأوصلها إلى أوج العلم والعمارة بالمدة التي انتقلت فيها أعظم دولة أوروبية لرأي أنه كان يجري في طريق المدنية مغذاً وغيره كان يخطو خطواً. ولقد قلت أبياتاً أخاطب بها المؤسس الوحيد وأنا واقف بجوار قبره ليلة المعراج سنة ١٢٩٣ نوردها هنا تذكرة لأولي الألباب

أمحمد أسمع ذاكراً لمآثر=شهدت بها الأحباب والأعداء

أحسنت في تأسيس ملك شامخ=قد طاول الأهرام منه بناء

زينت مصرا بالعمارة باذلا=جهد الملوك وما اعتراك عناء

شيدتها لما أخذت زمامها=وجمعت فيها المجد وهو هباء

<<  <   >  >>