وكلما زادونا أرجافاً وسعاية زدناهم إعراضاً وإهداراً ووقفنا أمامهم وقوف الجبل في مهب الرياح ولنا في مثل هذا المقام قصيدة قلناها في الاحتفاء وقد أحاطت بنا الجواسيس وتواترت أخبار الأراجيف ففترت همم الإخوان وداخلهم الخوف والرعب وثبتنا أمام تلك المزعجات وأخذنا ننشدها محاربة للنوائب وإظهاراً لما في الطوية من الصبر والثبات وإذا كان لساننا ذلك في حالة الشدة أفيرى المرجف أنه يحرك منا ساكناً بإرجافه في وقت الرخاء ونحن بين يدي أمير حكيم خبير بأحوال رعيته ووزير خطير هو أدق الناس في اختبار الناس ومعرفة ما هم عليه ولنورد بعض القصيدة هنا ترويحاً للنفس وتذكيراً بأيام التجلد للمحن والنوائب وقد أنشدناها توسلاً بالجد الأعظم صلى الله عليه وسلم وهي:
أتحسبنا إذا قلنا بُلينا ... بَلينا أو يروم القلب لينا
نعم للمجد نقتحم الدواهي ... فيحسب خامل أن دهينا
تناوشنا فنقهرها خطوب ... ترى ليث العرين لها قرينا
سواءٌ حربها والسلم أنا ... أناس قبل هدنتها هدينا
سُررنا بالصلى والبشر بادٍ ... وكيُّ السر يستديع إلا نينا
ومرضعنا تغذينا بصبر ... مرِير حين مازجنا حلينا
فطمنا بالظماء على ثبات ... فصمنا عن شراب الجازعينا
إذا ما الدهر صافانا مرضنا ... فإن عدنا إلى خطب شفينا
لنا جلد على جَلَد يقينا ... فإن زاد البلاد زدنا يقينا