للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما اعتقده العالم في تأويل قول الله عز وجل: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} وروى عن الحسن والزهري وقتادة أنها البشارة عند الموت (١).

ويقول ابن جرير الطبري رحمه الله بعد أن ذكر بأسانيده عن جماعة من الصحابة والتابعين وأتباعهم أنها الرؤيا الصالحة عقب على ذلك بقوله: (وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أن لأوليائه المتقين البشرى في الحياة الدنيا، ومن البشارة في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له.

ومنها بشرى الملائكة إياه عند خروج نفسه برحمة الله، كما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الملائكة التي حضره عند خروج نفسه تقول لنفسه اخرجي إلى رحمة الله ورضوانه» (٢).

ومنها بشرى الله إياه ما وعده في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - من الثواب الجزيل كما قال ثناؤه: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [البقرة: ٢٥] الآية.

وكل هذه المعاني من بشرى الله إياه في الحياة الدنيا بشره بها ولم يخصص الله ذلك المعنى دون معنى, فذلك مما عمَّمه جل ثناؤه، أي: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} وأما في الآخرة فالجنة (٣).


(١) التمهيد (٥/ ٥٩) وانظر: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (٣/ ٣١٣).
(٢) سبق تخريجه (ص٨٢).
(٣) تفسير ابن جرير الطبري (١١/ ٩٦).

<<  <   >  >>