للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجواب عن هذا القول: أن هذا الترجيح وبيان السبب فيه لا يصح من وجوه:

الوجه الأول: أن أكثر الروايات صحيحة، بل أغلبها في الصحيحين، وكلها مشهور فلا سبيل إلى أخذ أحدها وطرح الباقي.

قال أبو العباس القرطبي بعد أن ذكر الروايات في اختلاف عدد أجزاء النبوة، وأكثرها في الصحيحين، وكلها مشهور، فلا يؤخذ بعضها ويترك الباقي كما فعل المازري (١).

الوجه الثاني: ما ذكروه من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوحى إليه في منامه ستة أشهر، فكانت نسبة الرؤيا إلى زمن النبوة جزء من ستة وأربعين، هذا توجيه لا يصح وذلك لما يلي:

أولا: أن هذه المدة من الستة الأشهر لم تثبت بدليل صحيح، بل إن هناك اختلافًا في قدر المدة التي بعد بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى موته.

قال ابن العربي رحمه الله: وتفسيرها بمدة النبي - صلى الله عليه وسلم - باطل؛ لأنه يفتقر إلى نقل صحيح ولا يوجد (٢).

وقال النووي رحمه الله، لم يثبت أن أمد رؤياه - صلى الله عليه وسلم - قبل النبوة ستة أشهر (٣).

وقال الخطابي رحمه الله بعد أن ذكر هذا التوجيه، وهذا وإن كان وجها قد تحتمله قسمة الحساب والعدد فإن أول ما يجب فيه أن يثبت ما قاله من ذلك


(١) للأبي علي مسلم (٦/ ٧٥، ٧٦) وطرح التثريب (٨/ ٢٠٩).
(٢) فتح الباري (١٢/ ٣٦٤).
(٣) شرح صحيح مسلم للنووي (١٥/ ٢١).

<<  <   >  >>