للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالوا: فإن تصرف فيه الحس المشترك، فيحتاج إلى تعبير وإن لم يتصرف فيه فلا يحتاج إلى تعبير.

الثاني: أن يرد على الحس المشترك، صور المحسوسات بالحواس الظاهرة مما ارتسم في الخيال، أثناء اليقظة، أو يرتسم فيه مما يوجبه مرض كثوران خلط، أو تغير مزاج.

والوجه الأول عندهم هو سبب الرؤيا الصادقة.

والوجه الثاني: هو سبب الرؤيا الكاذبة (١).

الرد:

هذا القول لا شك في بطلانه وذلك من وجوه.

أولا: فيما يتعلق بقولهم في سبب الرؤيا الصادقة، وأنها تأتي نتيجة ارتسام


(١) انظر: آراء أهل المدينة الفاضل للفارابي (٦٣ - ٦٨) وكتاب الشفاء لابن سينا، المقالة الرابعة من الفن السادس (١٥٧ - ١٧٧) والمباحث المشرقية للرازي (٢/ ٤٢٩ - ٤٣٣) والنجاة لابن سينا (٣٣٤، ٣٣٥) ومقاصد الفلاسفة للغزالي (١٥٧ - ١٦١) وكتاب المواقف في علم الكلام للإيجي (٦/ ١١٢ - ١١٥) وتفسير الرازي (١٨/ ١٣٥) وهذا القول في حقيقة الرؤيا بني عليه الفلاسفة نظريات باطلة في النبوة، حيث قالوا إن النبوة مكتسبة، ولا تنقطع لأنه إذا جاز أن يرى الإنسان منامًا يدل على أمور غائبة أمكن العلم بجميع الأمور الغائبة. انظر: الصفدية (١/ ٧٩) بل قالوا إن الحكيم أفضل من النبي لأنه يتصل بالله مباشرة بخلاف النبي فيحتاج إلى واسطة وهي قدرة المتخيلة على الاتصال بالعقل الفعال في اليقظة. ولهذا قال الفارابي في كتابه آراء أهل المدينة الفاضل (٦٣) القول في سبب المنامات" ثم عقب ذلك بقوله: "القول في الوحي ورؤية الملك" ومن اهتمامات الفلاسفة، بالرؤى في المنامات ألفوا فيها الكتب الخاصة مثل: رسالة الأحلام ورسالة التنبوء بواسطة النوم، كلاهما أرسطو، وألف الكندي رسالة في ماهية النوم انظر: كتاب "في الفلسفة الإسلامية" (١/ ٩) للدكتور إبراهيم مدكور، وانظر: المباحث المشرقية (٢/ ٤٢٩ - ٤٣٥).

<<  <   >  >>