للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على جهة الاعتياد، وأما إن أضافوا الفعل إليها فإنا نقطع بخطأهم، ولا نجوز ما قالوه، إذ لا فاعل إلا الله سبحانه (١).

ثم قال: «ولبعض أئمة الفلاسفة تخليط طويل في هذا، وكأنه يرى أن صور ما يجري في الأرض هي في العالم العلوي كالمنقوش، وكأنه يدور بدوران الكرة، فما حاذى بعض النفوس منه انتقش فيها، وهذا أوضح فسادًا من الأول (٢) مع كونه تحكما بما لم يقم عليه برهان ..» (٣).

وقد ذكر ابن القيم رحمه الله اضطراب الناس في الرؤى، ثم ذكر قولاً قريبًا من قول الفلاسفة وإن خالفه من بعض الوجوه، ولم ينسبه إلى أحد، ثم رد عليه حيث قال: «فمن قائل: إن العلوم كلها كامنة

في النفس، وإنما اشتغالهم بعالم الحس يحجب عنها مطالعتها، فإذا تجردت بالنوم رأت منها بحسب استعدادها ولما كان تجردها بالموت أكمل كانت علومها ومعارفها هناك أكمل، وهذا فيه حق وباطل فلا يرد كله، ولا يقبل كله، فإن تجرد النفس يطلعها على علوم ومعارف لا تحصل بدون التجرد، لكن لو تجردت كل التجرد لم تطلع على علم الله الذي بعث به رسوله - صلى الله عليه وسلم - وعلى تفاصيل ما أخبر به عن الرسل الماضية، والأمم الخالية وتفاصيل المعاد، وأشراط الساعة، وتفاصيل الأمر والنهي،


(١) ذكر الأشعري في المقالات (٢/ ١٠٧) عن معمر أنه قال: «إن الرؤيا من فعل الطبائع وليس من قبل الله» وقد تأثر بهذا القول في كون الرؤيا بسبب الأخلاق كثير ممن تكلموا في الرؤى وانظر على سبيل المثال الفصل في الملل والنحل (٥/ ١٢٣) كما تأثر بقول الفلاسفة الأول كثير من الصوفية كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله.
(٢) يعني بالأول: قول الفلاسفة أن الرؤيا من فعل الطبائع.
(٣) المعلم بفوائد مسلم (٣/ ١١٥، ١١٦).

<<  <   >  >>