عليهما السلام:{إِنَّنِي مَعَكُمَا}[طه: ٤٦]، وقوله حكايةً عن موسى عليه
السلام:{إِنَّ مَعِيَ رَبِّي}[الشعراء: ٦٢]، وقوله في شأن محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}[التوبة: ٤٠]، وقوله:{وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}[العنكبوت: ٦٩]، وقوله:{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}[البقرة: ١٩٤] في مواضع من القرآن.
غَلِطَ في هذه الآيات طائفتان:
الأولى: ما نُقِل عن جهم بن صفوان، مِن زَعْمِه أنَّ الله عزَّ وجلَّ في كل مكان.
الطائفة الثانية: المُؤَوِّلون، قالوا: إنَّ هذه الآيات ظاهرها كما قالت الطائفة الأولى، وإنَّما يمكن صَرْفها عن ظاهرها بنحو الدَّلائل التي تُذْكَر في صَرْف آيات الاستواء والعُلُو واليد والوجه ونحوها؛ فإذ قد وافَقَنا السَّلفيُّون على صَرْف آيات المعيَّة عن ظاهرها بتلك الدَّلائل= فيلزمهم موافقتنا في صَرْف سائر الآيات في الصِّفات التي نؤوِّلها نحن.
فإنَّ الأدلة هنا وهناك واحدة، أو مستوية؛ فإنْ لم يوافقونا فهم متحكِّمون، وينبغي على الأقل أنْ لا ينكروا علينا ويشنِّعوا في قولٍ قد اضطرُّوا إلى مثله سواء.
هذا تقرير ما قالوه، أو يمكن أنْ يقولوه.
وأقول: لو تَلَوْا هذه الآيات مع ما قبلها وما بعدها لعلموا أنَّها لا تصلح أنْ تكون شبهةً على ما قالوه، فكيف تكون حُجَّةً؟!