فإن قلتَ: المتشابه في اختيارك هو ما اشتبه معناه، بأن يتساوى المعنيان أو الثلاثة في الاحتمال، فهل يدخل فيه ما اشتبه مَعْنَيَاه أو معانيه، ولكنَّه يمكن ترجيح أحدها بدليلٍ آخر؟
قلتُ: كلَّا، ليس هذا بمتشابه، بل هذا ممَّا يعلم تأويله الرَّاسخُ وغيرُه، وممَّا أُمِرْنا بالتَّدبُّر فيه والنَّظَر في تأويله.
فإن قلتَ: فالمتشابه عندك ما اشتبه معناه، بحيث لا يوجد دليل يُبيِّنه؟ قلتُ: نعم.
فإن قلتَ: وما فائدةُ إنزال مثل هذا في القرآن، والقرآن إنَّما نَزَلَ هُدًى للعالمين، وأُمِرْنا بتدبره مطلقًا؟
قلتُ: ينبغي أولًّا أن تُعيِّن المتشابه، ثم أجيب عن هذا السُّؤال إن شاء الله تعالى.
فأقول: مشتبه المعنى على أنواعٍ، كما فصَّلَه الرَّاغب في "المفردات"(١):
الأول: المُتَشابه من جهة اللَّفظ، وذكر له خمسة أضرب:
١ ــ الكلمة الغريبة، كالأَبِّ.
٢ ــ المشتركة، كالقُرْءِ.
٣ ــ ما اختُصر فيه الكلام، نحو:{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}[النساء: ٣].