فإذا أحَطْتَ بهذا فكلُّ نصٍّ في كتاب الله عزَّ وجلَّ أو في السُنّة المقطوع بها يخبر بصفة من صفات الله عزَّ وجلَّ، وله معنى ظاهر يُعْلَم أنَّ العرب الذين دعاهم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لا يفهمون غيره، فلا مفرَّ للمسلم من الإيمان به.
ثم اعْلم أنَّ من الصِّفات ما لا شُبْهَة لِمَن أنكره أصلًا، كما قدّمنا في الحياة واليد مفصَّلًا.
ومنها ما لم تكن فيه شُبْهة، ولكن نشأت الشُبْهة فيه لمن اطَّلع على كلام الفلاسفة، وهذا لا بدَّ للمسلم من الإيمان به وتكذيب الفلاسفة.
علمًا بأنَّ العقل الإنساني قاصرٌ، وأنَّ إدراكه يتفاوت، وأنَّه كثيرًا ما يتوهَّم أنّه قد أدرك إدراكًا قطعيًّا وهو مخطئ.
ومن تأمّل اختلاف الفلاسفة والمتكلِّمين من كُل أُمَّةٍ، وتخطئة آخرهم لأولهم، مع زعم كلٍّ منهم أنّ عقله أدرك ما قاله إدراكًا قاطعًا= تبيَّن له هذا، ولو اطَّلعت على آراء فلاسفة العصر لرأيت من ذلك كثيرًا جدًّا.
ومنها ما تعرض الشُبهة فيه لكلِّ أحدٍ، وهذا لا بدَّ للمسلم من الإيمان به، وصَرْفِ نفسه عن استرسالها في الفِكْر.
ففي "الصَّحيحين"(١) من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: "يأتي الشيطان أحدَكم، فيقول: مَن خلق كذا؟ مَن خلق كذا؟ حتى يقول: مَنْ خَلَق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله وَلْيَنْتَهِ".