للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا لم يكن محذورٌ. قال الزين ابن المُنَيِّر: لمَّا كان السؤال عن آجالٍ مقدَّرةٍ لا تُعْلَم إلَّا بوحيٍ أجابهُنَّ بلفظٍ غير صريح، وأحالهُنَّ على ما لا يتبيَّن إلَّا بآخره، وساغ

ذلك لكونه ليس من الأحكام التكليفيَّة". "الفتح" ج ٣ ص ١٨٥ (١).

وقد يقال: إنّ في الحديث قرينة، بل قرينتين:

الأولى: قوله: "أطولُكُنَّ يدًا ولم يقل: "أطولُكُنَّ"، مع أنَّه أخصر، ففي العدول إلى ذكر طول اليد إشارة إلى المعنى المراد.

الثاني: أنَّ سُرعة اللُّحوق به فضيلة، والفضيلة إنَّما تُدْرَك بعملٍ صالح، والطُّول الحِسِّي ليس بعمل صالح.

ويمكن أن يجاب بأنَّ الأُولى مبنيَّة على أنّ الطُّول الحسِّي في اليد ملازمٌ لطول القامة، وليس كذلك ولكنَّه الغالب، وأمَّا الثانية فليست بظاهرة؛ لأنّ الموت عند تمام الأجل، فليس بمرتبط بالفضيلة ارتباطًا ظاهرًا، إذ لا مانع من طول عمر الفاضلة وقصر عمر المفضولة.

وعلى كل حالٍ فإنّما استُنبط هذا بعد العلم بحقيقة الحال، وأمَّا قبل ذلك فقد كان الظَّاهر هو طول اليد الحِسِّي، كما فَهِمَتْهُ أمّهات المؤمنين رضي الله عنهن، ولم يَزَلْنَ على ذلك حتى تبيَّن خلاف ذلك بموت زينب.

فإن قيل: كيف هذا وقد تقدَّم في كلمات خليل الله إبراهيم عليه السلام (٢) ما عَلِمتَ، وتقرَّر هناك أنَّها لا تخلو عن شيءٍ، كأنّ المراد ما


(١) "الفتح" (السَّلفية ٣/ ٢٨٧).
(٢) يعني كذباته وقد تقدم ذكرها.

<<  <   >  >>