خامساً: قال الأستاذ محمد حسين (ص١٣١): «وأخرج ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الدار وكان خازن عمر بن الخطاب قال: أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال: «يا رسول الله استسق لأمتك، فإنهم قد هلكوا»، فأتى الرجل في المنام فقال له:«ائت عمر فقال له: إنكم مستسقون فعليك الكفين»، قال: فبكى عمر وقال: «يا رب ما آلوا إلا ما عجزتُ عنه»، ذكره وأقره أيضاً ابن حجر العسقلاني في فتح الباري الجزء الثالث».
* الرد: قال الشيخ الألباني: «والجواب من وجوه:
١ - عدم التسليم بصحة هذه القصة لأن مالك الدار غير معروف العدالة والضبط، وهذان شرطان أساسيان في كل سند صحيح، ولا ينافي هذا قول الحافظ ابن حجر: «بإسناد صحيح من رواية أبى صالح السمان ... » لأننا نقول: إنه ليس نصاً في تصحيح جميع السَّنَد بل إلى أبي صالح فقط، ولولا ذلك لما ابتدأ هو الإسناد من عند أبي صالح، ولقال رأساً:«عن مالك الدار ... وإسناده صحيح» ولكن تعمد ذلك ليلفت النظر إلى أن ها هنا شيئاً ينبغي النظر فيه، والعلماء إنما يفعلون ذلك لأسباب منها: أنهم قد لا يحضرهم ترجمة بعض الرواة فلا يستجيزون لأنفسهم حذف السند كله، لما فيه من إيهام صحته لا سيما عند الاستدلال به، بل يوردون منه ما فيه موضع للنظر فيه، وهذا هو الذي صنعه الحافظ هنا، وكأنه يشير إلى تفرد أبى صالح السمان عن مالك الدار كما سبق نقله عن ابن أبى حاتم، وهو يحيل بذلك إلى وجوب التثبت من حال مالك هذا أو يشير إلى جهالته.
٢ - أنها مخالفة لما ثبت في الشرع من استحباب إقامة صلاة الاستسقاء لاستنزال الغيث من السماء، كما ورد ذلك في أحاديث كثيرة وأخذ به جماهير الأئمة وهذا ما فعله عمر بن الخطاب حين استسقى وتوسل بدعاء العباس كما سبق بيانه، وهكذا كانت عادة السلف الصالح كلما أصابهم قحط أن يصلوا ويدعوا ولم ينقل عن أحد منهم مطلقاً أنه التجأ إلى قبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وطلب منه الدعاء للسقيا، ولو كان ذلك مشروعاً