أحدها: أن لا يداوم عليها، فإن الصغيرة لمن داوم عليها تكبر بالنسبة إليه؛ لأن ذلك ناشيء عن الإصرار عليها، والإصرار على الصغيرة يصيّرها كبيرة، فكذلك البدعة من غير فرق.
والشرط الثاني: ألا يدعو إليها، فإن البدعة قد تكون صغيرة، ثم يدعو مبتدعها إلى القول بها والعمل على مقتضاها فيكون إثم ذلك كله عليه.
والشرط الثالث: ألا تُفعل في المواضع التي هي مجتمعات الناس، أو المواضع التي تقام فيها السنة، وتظهر فيها أعلام الشريعة، فأما إظهارها في المجتمعات ممن يُقتدى به أو ممن يُحسَن به الظن فذلك من أضر الأشياء على سنة الإسلام فإنها لا تعدو أمرين: إما أن يُقتدى بصاحبها فيها، فإن العوام أتباع كل ناعق، وإذا اقتُدى بصاحب البدعة الصغيرة كبرت بالنسبة إليه؛ لأن كل من دعا إلى ضلالة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها، فعلى حَسَب كثرة الأتباع يعظم الوزر، وأما اتخاذها في المواضع التي تقام فيها السنة فهو كالدعاء إليها بالتصريح؛ لأن عمل إظهار الشعائر الإسلامية يوهم أن كل ما أظهر فيها فهو من الشعائر، فكأن المُظهِر لها يقول: هذه سنة فاتبعوها.
الشرط الرابع: ألا يستصغرها ولا يستحقرها ـ وإن فرضناها صغيرة ـ فإن ذلك استهانة بها، والاستهانة بالذنب أعظم من الذنب، فكان ذلك سبباً لعظم ما هو صغير.
فإذا تحصلت هذه الشروط فإن ذلك يرجى أن تكون صغيرتها صغيرة، فإن تخلف شرط منها أو أكثر صارت كبيرة، أو خيف أن تصير كبيرة، كما أن المعاصي كذلك، والله أعلم» (١).