للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمثلته في كلام العرب قول كعب بن زهير:

كأن أوب ذراعيها إذا عرقت ... ... وقد تلفع بالقور العساقيل

لأن معنى قوله: تلفع لبس اللفاع وهو اللحاف، والقور الحجارة العظام، والعساقيل: السراب. والكلام مقلوب، لأن القور هي التي تلتحف بالعساقيل لا العكس كما أوضحه لبيد في معلقته بقوله:

فبتلك إذ رقص اللوامع بالضحى ... ... ... واجتاب أردية السراب إكامها

فصرح بأن الإكام التي هي الحجارة اجتابت أي لبست أردية السراب. والأردية جمع رداء، وهذا النوع من القلب وإن أجازه بعضهم فلا ينبغي حمل الآية عليه، لأنه خلاف الظاهر، ولا دليل عليه يجب الرجوع إليه.

وظاهر الآية جار على الأسلوب العربي الفصيح، كما أوضحه أبو حيان في البحر المحيط.] (١).

١٣٦ - يسند الفعل إلى ما هو له أصالة لملابسته له (٢).

[قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَق} (الأحقاف: ٢٠) مع أنه من المعلوم أنهم لا يستكبرون في الأرض إلا استكباراً متلبساً بغير الحق كقوله تعالى: {وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} ومعلوم أنه لا يطير إلا بجناحيه، وقوله: {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ}، ومعلوم أنهم لا يكتبونه إلا بأيديهم، ونحو ذلك من الآيات، وهو أسلوب عربي نزل به القرآن.] (٣).

١٣٧ - الفعال يأتي كثيراً، بمعنى التفعيل.

[قوله تعالى: {بَلاَغٌ}. التحقيق إن شاء الله أن أصوب القولين في قوله: {بَلاَغٌ} أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره، هذا بلاغ، أي هذا القرآن بلاغ من الله إلى خلقه.

ويدل لهذا قوله تعالى في سورة إبراهيم {هذا بَلَاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ}، وقوله


(١) - (٧/ ٣٩٠: ٣٩٢) (الأحقاف/٢٠).
(٢) - ونوع المجاز هنا عند القائلين به هو مجاز الإسناد، والمجاز العقلي، وعلاقته الملابسة، وانظر الإتقان (٣/ ١٠٩).
(٣) - (٧/ ٣٩٦) (الأحقاف/٢٠).

<<  <   >  >>