للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالعرب تطلق اسم الفيء على الغنيمة، ومنه قول مهلهل بن ربيعة التغلبي:

فلا وأبي جليلة ما أفأنا ... ... ... من النعم المؤبل من بعير

ولكنا نهكنا القوم ضربا ... ... ... على الأثباج منهم والنحور

يعني أنهم لم يشتغلوا بسوق الغنائم ولكن بقتل الرجال فقوله: أفأنا: يعني غنماً، ويدل لهذا الوجه قوله تعالى: {وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ اللَّهُ عَلَيْكَ}، لأن ظاهر هذه الآية الكريمة شمول ذلك لجميع المسبيات ولو كن منتزعات قهراً، ولكن الاصطلاح المشهور عند العلماء هو ما قدمنا من الفرق بينهما، وتدل له آية الحشر المتقدمة-أي قوله تعالى: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} -.] (١).

[١٩ - يطلق الحرف الواحد من الكلمة، ويراد به جميع الكلمة.]

[العرب قد تطلق الحرف الواحد من الكلمة، وتريد به جميع الكلمة كقول الراجز:

قلت لها قفي فقالت لي قاف ... ... ... لا تحسبي أنا نسينا الإيجاف

فقوله: «قاف» أي وقفت. وقول الآخر:

بالخير خيرات وإن شراً فا ... ... ... ولا أريد الشر إلا أن تا

يعني: وإن شراً فشر، ولا أريد الشر إلا أن تشاء. فاكتفى بالفاء والتاء عن بقية الكلمتين.

قال القرطبي: وفي الحديث «من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة» الحديث (٢). قال سفيان: هو أن يقول في أقتل: أق.] (٣).


(١) - (٢/ ٣١٦) (الأنفال/٤١).
(٢) - أخرجه ابن ماجه (٢/ ٨٧٤) (٢٦٢٠) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وقال البوصيري في الزوائد في إسناده يزيد بن أبي زياد بالغوا في تضعيفه حتى قيل كأنه حديث موضوع.، وقال الشيخ الألباني: ضعيف جداً.
(٣) - (٣/ ٤ - ٥) (هود/١).

<<  <   >  >>