للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أتتني لسان بني عامر ... ... ... أحاديثها بعد قول نكر

ومنه قوله تعالى: {وَاجْعَل لِّى لِسَانَ صِدْقٍ فِى الاٌّخِرِينَ} أي ثناءً حسناً باقياً. ومن إطلاق اللسان بمعنى الكلام مذكراً قول الحطيئة:

ندمت على لسان فات مني ... ... ... فليت بأنه في جوف عكم] (١).

[٤٠ - يطلق الإذاقة على الذوق وعلى غيره من وجود الألم واللذة.]

[٤١ - يطلق اللباس على المعروف، ويطلق على غيره مما فيه معنى اللباس من الاشتمال.]

[في هذه الآية الكريمة سؤال معروف، هو أن يقال: كيف أوقع الإذاقة على اللباس في قوله: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ}. وروي أن ابن الراوندي الزنديق قال لابن الأعرابي إمامِ اللغة الأدب: هل يُذاق اللباس؟ ايريد الطعن في قوله تعالى: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ}. فقال له ابن الأعرابي: لا بأس أيها النسناسا هب أن محمداً صلى الله عليه وسلم ما كان نبياً! أما كان عربياً؟

قال مقيده عفا الله عنه: والجواب عن هذا السؤال ظاهر، وهو أنه أطلق اسم اللباس على ما أصابهم من الجوع والخوف؛ لأن آثار الجوع والخوف تظهر على أبدانهم، وتحيط بها كالباس، ومن حيث وجدانهم ذلك اللباس المعبرَّ به عن آثار الجوع والخوف، أوقع عليه الإذاقة، فلا حاجة إلى ما يذكره البيانيون من الاستعارات في هذه الآية الكريمة، وقد أوضحنا في رسالتنا التي سميناها (منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز): أنه لا يجوز لأحد أن يقول إن في القرآن مجازاً، وأوضحنا ذلك بأدلته، وبينا أن ما يسميه البيانيون مجازاً أنه أسلوب من أساليب اللغة العربية.

وقد اختلف أهل البيان في هذه الآية، فبعضهم يقول: فيها استعارة مجردة. يعنون أنها جيء فيها بما يلائم المستعار له. وذلك في زعمهم أنه استعار اللباس لما غشيهم من بعض الحوادث كالجوع والخوف، بجامع اشتماله عليهم كاشتمال اللباس على اللابس على سبيل الاستعارة التصريحية الأصلية التحقيقية، ثم ذكر الوصف،


(١) - (٣/ ٣٣٨) (النحل/١٠٣).

<<  <   >  >>