للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تكلمت بها العرب، وهي حقيقة في معناها، لا تجوز فيها (١)، ولهذا فقد أنكر المانعون كون الخلاف لفظيا (٢)، لأنهم لم يسلموا أصلا بصحة التقسيم.

قال شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله -: "وتقسيم اللغة إلى حقيقة ومجاز تقسيم مبتدع، محدث لم ينطق به السلف، والخلف فيه على قولين وليس النزاع فيه لفظيا، بل يقال: نفس هذا التقسيم باطل، لا يتميز هذا عن هذا، .. " (٣).

[المبحث الرابع: أثر القول بالمجاز على النصوص الشرعية وتعقيب على أشهر الأمثلة التي ذكرها بعض الأصوليين للمجاز.]

لقد كان للقول بالمجاز على إطلاقه أثر عظيم وخطير على الموقف الصحيح الذي يجب اتخاذه حيال النصوص الشرعية حيث يجب إثباتها على حقيقتها دون تحريف لها عن معانيها الحقيقية لاسيما فيما يتعلق بالأسماء والصفات، وقد سبق أن أوردت في حجج منكري المجاز ومناقشتهم للمثبتين له شيئا من ذلك بما يغني عن الإعادة.

وقد ذكر الأصوليون عددا من الأمثلة من القرآن على إثبات المجاز وحيث إن كثيرا منها يتعلق بصفات الباري جل وعلا، فإن ادعاء المجاز فيها يقتضي نفي حقيقتها، وتعطيل دلالتها على إثبات صفات الكمال لله عز وجل، التي أثبتها لنفسه في كتابه، وأثبتها له رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وسار عليها سلف هذه الأمة، وقد عرف عن بعضهم سلوكه مذهب الأشاعرة في العقيدة، لذا فقد وقعوا في تأويل بعض النصوص عن حقيقتها، بدعوى المجاز، ولاسيما في آيات الصفات وتلك عقيدة المخالفين لمنهج أهل السنة والجماعة في إثباتهم الصفات لله، كما جاءت، وإقرارها كما وردت، بدون تأويل، ولا تعطيل، ولا نفي لحقيقتها، ولا ادعاء كونها مجازا.

وإليك بعض الأمثلة (٤) التي ذكروها -عفا الله عنهم- تعد شواهد من كلامهم تبين خطورة القول بالمجاز في هذا المجال:


(١) - كذا بالأصل، ولعل الصواب: لا تجوز نفيها.
(٢) - انظر: ١/ ٤٦ من الإحكام للآمدي حيث جعله كذلك.
(٣) - ٧/ ١١٣ من الفتاوى، وانظر ٢/ ٢٤٣ من مختصر الصواعق لابن القيم.
(٤) - وقد اقتصرت على ذكر مثالاً واحداً مما ذكر د. السديس، خشية الإطالة.

<<  <   >  >>