(٢) - (٣/ ٢٠٤ - ٢٠٥) (النحل/١٠). (٣) - وتذكير المؤنث على تأويله بمذكر، أو تأنيث المذكر، فيه عند القائلين بالمجاز مجاز مفرد، ويسمى اللغوي، من نوع إقامة صيغة مقام أخرى، وقد مثل له السيوطي بأمثلة كثيرة، وانظر الإتقان (٣/ ١٢٠ - ١٢١). وقال الثعالبي في سر العربية (ص/٣٥٩): [فصل في حمل اللفظ على المعنى في تذكير المؤنث وتأنيث المذكر: من سنن العرب ترك حكم ظاهر اللفظ وحمله على معناه كما يقولون: ثلاثةُ أنفس والنفس مؤنثة وإنما حملوه على معنى الإنسان أو معنى الشّخص. قال الشاعر: ما عندنا إلا ثلاثة أنفسِ ... مِثلُ النُّجومِ تلألأتُ في الحِندِسِ وقال عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة: فكان مِجَنِّي دون ما كنتُ أتَّقي ... ثلاثُ شُخوصٍ كاعِبانِ وَمُعْصِرُ فحمل ذلك على أنهن نساء. وقال الأعشى: لِقومٍ وكانوا هُمُ المُنْفِدِينَ ... شَرَبَهُمُ قَبْلَ تَنْفادِها فأنَّث الشراب لما كان الخمر المعني وهي مؤنثة كما ذكر الكفّ وهي مؤنثة في قوله: أرى رجلا منهم أسيفاً كأنَّما ... يَضُمُّ إلى كَشْحيه كفَّاً مُخَضَّبا فحمل الكلام على العضو وهو مذكر. وكما قال الآخر: يا أيها الرَّاكب المُزجي مَطِّيته ... سائلْبني أسدٍ ما هذهِ الصَّوتُ أي ما هذه الجَلَبة. وقال آخر: مِنَ النَّاسِ إنسانان دَيْنِي عَليهما ... مَليئان لو شَاءَا لقد قَضَياني خليلَيَّ أمّا أمُّ عَمروٍ فَواحِدٌ ... وأمَّا عنِ الثاني فلا تَسلاني فحمل المعنى على الإنسان أو على الشخص. وفي القرآن: " وأعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالساعة سَعيراً " والسَّعير مذكر ثمَّ قال: " إذا رَأتهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعيدٍ " فحمله على النار فأنثه وقال عزَّ إسمه: " فأحْيَينا بهِ بَلْدَةً ميتاً " ولم يقل ميتة لأنه حمله على المكان. وقال جلّ ثناؤه: " السَّماء مُنْفَطِرٌ بِه " فذكر السّماء وهي مؤنثة لأنه حمل الكلام على السقف وكل ما علاك وأظلك فهو سماء والله أعلم].