للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اهتزت بالنبات. وهذا أسلوب عربي معروف] (١).

٨٩ - إسناد جميع الأعمال إلى اليد (٢).

[السؤال الثاني: أنه أسند كل ما قدم إلى يديه في قوله {بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} وكفره الذي هو أعظم ذنوبه، ليس من فعل اليد، وإنما هو من فعل القلب واللسان، وإن كان بعض أنواع البطش باليد، يدل على الكفر، فهو في اللسان والقلب أظهر منه في اليد. وزناه لم يفعله بيده، بل بفرجه، ونحو ذلك من المعاصي التي تزاول بغير اليد.

والجواب عن هذا ظاهر: وهو أن من أساليب اللغة العربية، التي نزل بها القرآن إسناد جميع الأعمال إلى اليد، نظراً إلى أنها الجارحة التي يزاول بها أكثر الأعمال فغلبت على غيرها، ولا إشكال في ذلك] (٣).

٩٠ - الإشارة إلى القريب إشارة البعيد (٤).

[الإشارة إلى القريب إشارة البعيد أسلوب عربي معروف، وقد ذكره البخاري عن أبي عبيدة معمر بن المثنى ومنه قوله {ذلك الْكِتَابُ} أي هذا القرآن؛ لأن الكتاب قريب، ولذا تكثر الإشارة إليه بإشارة القريب كقوله {إِنَّ هذا الْقُرْآنَ يِهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ} وقوله {وَهذا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ} وأمثال ذلك كثيرة في القرآن، ومن إطلاق إشارة البعد على القريب قول خفاف بن ندية السلمي:

فإن تَكُ خيلي قد أصيب صَميمها ... فعمداً على عيني تيممَّتُ مالكا

أقول له والرُّمح يأطر مَتْنُه ... ... ... تأمَّل خفافاً إنني أنا ذَلِكا


(١) - (٥/ ٣٧) (الحج/٥).
(٢) - ونوع المجاز هنا عند القائلين به هو المجاز في مفرد، ويسمى اللغوي، من باب إقامة صيغة مقام أخرى، ونوعه همن التغليب، وانظر الإتقان (٣/ ١٢١). ويمكن القول أيضاً بأن هنا مجاز مرسل علاقته جزئية، حيث عبر بالجزء (اليد)، وأراد باقي الأعضاء، وانظر أسرار البيان (ص/١٢٢ - ١٢٥).
(٣) - (٥/ ٤٣) (الحج/١٠).
(٤) - ونوع المجاز هنا عند القائلين به هو المجاز في مفرد، ويسمى اللغوي، من نوع تسمية الشيء باسم ضده، والضدية هنا في المعنى فـ (ذلك) للبعيد، و (هذا) للقريب، وانظر الإتقان (٣/ ١١٥).

<<  <   >  >>