للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣. التزام عام بعقود عمل مكتوبة ومسجلة رسمياً لدى الهيئات المختصة، وذلك لأن بعض أصحاب العمل يتهربون من تعديل الأجور إذا لم تكن عقود العمل مسجلة ومدوّنة. (١)

٤. أن يعلم الطرفان بحقيقة المؤشر العام للأسعار الذي يُتفق على اعتماده. (٢)

وهناك من الفقهاء من منع ربط الأجور بتغيّر الأسعار، سواء أكان الربط بالسلع الاستهلاكية أم بالسلع الصناعية، فإن ذلك يؤدي إلى الربا في حالة التضخم لأن النقود مثلية لانضباطها بالعدّ، فإذا انخفضت قيمتها بالنسبة لما ربطت به أدّى ذلك إلى زيادة في عددها، وهذا عين الربا، ومثال ذلك أن تكون الأجرة التي تستحق بعد سنة ٥٠٠ دينار أردني، فإذا تم الربط بالمستوى العام للأسعار، وكان هذا المبلغ يساوي ١٠٠ وحدة مثلاً عند التعاقد، بناء على أن الوحدة تساوي ٥٠ دينار، وفي نهاية السنة انخفضت القيمة الشرائية للدينار بحيث أصبحت الوحدة المربوطة بها تساوي ١٠٠ دينار، فإن المبلغ المستحق يكون حاصل ضرب ١٠٠× ١٠٠ = ١٠٠٠٠ دينار، وهكذا الحال فيما لو ارتفعت القيمة الشرائية للعملة التي تم التعاقد بها عند وقت التسليم عنها عند التعاقد، فإن ذلك يؤدي إلى سداد الدين بأقل منه، ومن المعلوم أن الشريعة قد حرمت الربا تحريماً مؤبداً، ولعنت أصحابه كما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:" الذهب بالذهب، والفِضة بالفضة، والبُرُّ بالبر، والشَّعير بالشعير، والتمر بالتمر، والمِلح بالملح، مثلاً بمثل، يداً بيد، سواءً بسواء، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء" (٣)،

فقوله - صلى الله عليه وسلم -:"فمن زاد أو استزاد "يعمّ كل زيادة؛ لأنه فعل وقع في سياق الشرط، والفعل من قبيل النكرة؛ لأنه يتضمن مصدراً نكرة، والنكرة في سياق الشرط تعمّ على ما تقرر في صيغ العموم، والنقود الورقية أثمان قائمة مقام الذهب والفضة، فالزيادة فيها أخذاً أو إعطاءً تعاطٍ للربا المحرم، وهذا الخلاف له ما يبرره؛ ومرده إلى التطورات التي مر بها الورق النقدي، فإنه في أصله ليس ثمناً وإنما ثمنيته بالاصطلاح، إضافة إلى أنه في أول ظهوره كان مغطى بالذهب والفضة، وكان يكتب عليه ما


(١) الدكتور عبد الرحمن يسري أحمد، بحث بعنوان تحليل من منظور إسلامي لمشكلة الأجور في ظل التضخم والعلاج المقترح، مقدّم لمجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، الدورة الثامنة، المجلد الثالث، الصفحات الورقية ٥١٧ - ٥٥٥، بتصرف.
(٢) الزرقا، محمد أنس مصطفى، ربط الأجور بتغيُير المستوى العام للأسعار بين الفقه والاقتصاد، بحث مقدّم لمجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثامنة، المجلد الثالث، الصفحات الورقية ٦١٧ - ٦٤٢. القرضاوي، دور القيم والأخلاق في الإقتصاد الإسلامي، ص٣٧٧.
(٣) رواه البخاري في صحيحه بلفظ آخر، كتاب البيوع، باب بيع الذهب بالذهب، ص٥١٥، برقم (٢١٧٥) ..