للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (١) ومعلوم أن عقد التامين يقوم على الربا.

٢. قياس التأمين على ضمان خطر الطريق، وهو أن يقول إنسان لآخر اسلك هذا الطريق فإنه آمن، فإن كان فيه من يُخيفك ويأخذ مالك فأنا ضامن، فإذا سلكه وأخذ ماله فإنه يضمن، وهذا قول الحنفية (٢)، ويُناقش هذا القياس بأنه قياس مع الفارق، حيث لا علة جامعة بين المقيس والمقيس عليه، فالعلة في ضمان خطر الطريق هي التغرير المتسبب في الإتلاف، أما العلة في عقد التأمين هي الالتزام بدفع أقساطه.

٣. قياس التأمين على الإجارة، فالحارس الأجير يحقق الأمان لمن استأجره، والتأمين يحقق الأمان للمؤمن لهم، وعند مناقشة هذا الاستدلال يتبين مايلي:

أ لا جامع بين الإجارة والتأمين، فالعلة في الإجارة هي حفظ المحروس، بينما العلة في التأمين هي الحصول على مبلغ التأمين عند تحقق الخطر.

ب أجرة الحارس هي مقابل ما يقوم به من عمل، أما الأقساط في عقد التأمين هي مقابل نقود مؤجلة، وهي مجهولة المقدار والأجل.

ت يضمن الحارس إذا تعدّى، وليس من المعقول أن نقول بضمان شركات التامين مع أنها لم تتعد.

٤. قياس التأمين على الوديعة وذلك بجامع المصلحة في كل منهما، فكما تستفيد الشركة من الأقساط لديها مقابل ضمانها المؤمن عليه يستفيد المودع إليه من أجرة حفظ الوديعة، ولكن لا وجه لقياس التأمين على الوديعة، لأن التأمين يقوم على المعاوضة الصرفة، أما الوديعة فتقوم على البرّ والحفظ تبرعاً.

٥. احتج المبيحون لعقد التأمين بأن المصلحة تقتضيه، على اعتبار أن التأمين يحقق مصلحة للناس، وفيه طمأنينة لأصحاب الأموال والتجارات، ويُجاب على هذا الاستدلال بما يلي:

أ التأمين لا مصلحة فيه، وإنما فيه مفسدة عظيمة حيث تكديس الأموال في يد قلة خاصة من الناس (شركة التأمين).

ب حتى لو سلمنا بأن التأمين فيه مصلحة، فإنها مصلحة مرسلة وهي أصلاً محل خلاف بين العلماء.

٦. ذهب المبيحون للتأمين إلى أنه قد عمّ وانتشر في العالم حتى أصبح عرفاً عاماً، ويُردّ على هذا الاستدلال بأن العُرف بحدّ ذاته ليس دليلاً مستقلاً، بل هو أصلُ يُستعان به على فهم النصوص


(١) سورة البقرة، آية رقم ٢٧٥.
(٢) ابن عابدين، حاشية رد المحتار على الدر المختار، ج٣، ص٢٧١.