للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مبنيٌ على اختراع سابق، وفي ذلك يقول أحد المتقدمين:" واعلم أن هذه الصنائع استخرجها الحكماء، ثم تعلم الناس منهم بعضها، وصارت وراثة بين الحكماء للعلماء، ومن العلماء للمتعلمين، ومن الأستاذين للتلامذة، ومن التلامذة للصناع، وكان ولا يزال لكل حرفة زعيم أو نقيب أو شيخ أو عريف، ويُسمى شيخ الحرف كلها بسلطان الحرافيش ثم كُنّي عنه احتشاماً بشيخ الحرف والصنائع" (١).

التقسيم الثاني: باعتبار النفع والضرر، حيث يُمكن تقسيم الاختراعات بهذا الاعتبار إلى نوعين:

الأول: اختراعات نافعة، ولا بدّ من الإشارة هنا أن معيار النفع هنا هو موافقة الشرع الإسلامي، فمن النفع أن يستفيد الناس من هذا الاختراع في حياتهم العامة، كاختراع وسائل المواصلات والاتصالات، وحتى لو انحرف بعض الناس في استخدام هذا النوع من الاختراعات فاستخدمها في الممنوع فإنها تأخذ حكم المنع.

الثاني: اختراعات ضارة، وأيضا يُعتبر في الضرر الميزان الشرعي، إذ بميزان الشرع يُحكم على نفع الأشياء أو ضررها، كأداوات السرقة أو ما يُعتبر اليوم أسلحة الدمار الشامل، وقد صدر عن المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي قراراً حول الآلات التي يتم اختراعها، حيث جاء فيه:" إن كل أداة حديثة وصل إليها الإنسان بما علّمه الله، وسخّر له من وسائل؛ إذا كانت تخدم غرضاً شرعياً أو واجباً من واجبات الإسلام، وتحقق فيما لا يتحقق من دونها، تصبح مطلوبة بقدر درجة الأمر الذي تخدمه وتحققه من المطالب الشرعية، وفقاً للقاعدة الأصولية: ما يتوقف عليه الواجب فهو واجب" (٢).

ولم تتحدث كتب الفقه الإسلامي القديمة عن حق الاختراع وغيره من الحقوق المعنوية؛ وذلك لأن المؤلفين لم يكونوا على خوف من سرقة منجزاتهم، وكذلك تشجيع الأمراء للعلماء، وبمعنى آخر كان الجو السائد هو احترام العلماء ومكافأتهم على منجزاتهم، كذلك نرى أنه قد جرى العرف على عدم وجود ما يُسمى اليوم بـ (مالية الابتكار) وإنما وجد ما يُعتبر من الأُعطيات والهبات، وهذه تعتبر من باب التبرعات، أما بداية استعمال هذا اللفظ من الناحية القانونية فقد بدأ منذ عام ١٨٨٦م في مؤتمر برن في سويسرا، حيث شاركت ثلاث وسبعون دولة كلها غربية إلا تونس والجزائر والمغرب ولبنان والهند، وقد نتج عن هذا المؤتمر توقيع اتفاقية دولية لحماية المصنفات الأدبية والفنية، وهذا على الصعيد القانوني، أما على سبيل الجهود الفقهية الإسلامية فكانت بذرتها في مجلة عالم الكتب الصادرة في الرياض بالمملكة العربية السعودية التي خصصت العدد الرابع من المجلد الثاني للعام ١٩٨٢م


(١) محمد كرد علي، خطط الشام، ج ٤، ص٢٢٩، طبعة عام ١٩٢٥م، المطبعة الحديثة، دمشق، سوريا، والكلام المنقول نسبه المؤلف لابن جماعة.
(٢) الدورة الثالثة المنعقدة من يوم ٢٣ - ٣٠ من شهر ربيع الآخر سنة ١٤٠٠ هجري.