للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالناس محتاجون للإجارة، حيث الفقير يحتاج مال الغني، والغني يحتاج لعمل الفقير وخدمته وجهده، والمجتمع عامة يحتاج إلى تبادل الأموال بالمنافع، وكل هذا لا يتحقق إلا بالإجارة، ثم إنّ من مشروعية الإجارة، أنها شُرعت لرفع حاجة الناس، فليس كل واحد من الناس يستطيع السكن في مسكن خاص له، لذلك تندفع الحاجة إلى استئجار بيت يأوي إليه بقليل من المال، كما أن طبيعة المجتمع أن نجد فيه الفقير والغني، فليس للفقير مال يُغنيه عن الفقر، فيلجأ للعمل عند من هو أغنى منه، كل ذلك يكون عسراً ومشقة لو لم تُشرع الإجارة، أما عن تعريف العامل في اللغة: فهو الذي يتولى أمور الرجل في ماله وملكه وعمله، ومنه قيل للذي يستخرج الزكاة عامل (١)، والعامل هو الذي ينظم الحسابات ويكتبها. (٢)

وقد أطلق فقهاء اللغة لفظ العامل على من يعمل عملاً أو يحترف حِرفة، ونجد كثرة استعمالات القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة للفظ العامل، ومنها استعمال القرآن الكريم لفظ العامل بمعنى الرجل الذي يجمع أموال الزكوات والصدقات من أصحابها ليتم إنفاقها على مستحقيها، وذلك في قوله - سبحانه وتعالى -: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (٣) وقد ورد لفظ عامل بمعنى ما يعمله المسلم من عمل للدنيا والآخرة وذلك في قول الله - سبحانه وتعالى -: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ} (٤).

كما ورد لفظ العامل في الأحاديث النبوية الشريفة بمعنى الساعي على جمع الصدقات كقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" العامل على الصدقة كالغازي في سبيل الله حتى يرجع إلى بيته" (٥)، أما في العصر


(١) ابن منظور، لسان العرب، ج١١، ص ٤٧٤.
(٢) الشرباصي، أحمد، المعجم الاقتصادي الإسلامي، ص ٢٨٧، بدون رقم طبعة، دار الجيل، بيروت، لبنان.
(٣) سورة التوبة، آية رقم ٦٠.
(٤) سورة آل عمران، آية رقم ١٩٥.
(٥) أبو داود، سليمان بن الأشعث، سنن أبي داود، حكم على أحاديثه الشيخ محمد ناصر الدين الألباني وقال عنه: صحيح، اعتنى به مشهور بن حسن آل سلمان، ص٤٤٧، برقم (٢٩٣٦)، ط١، مكتبة المعارف، الرياض، السعودية. والترمذي في سننه، ص ١٦٣،برقم ٦٤٥، كتاب الزكاة، باب ما جاء في العامل على الصدقة بالحق، وقال عنه حديث حسن صحيح. وابن ماجه في سننه، ص ٣١٥، كتاب الزكاة، باب ما جاء في عمال الصدقة برقم (١٨٠٩).