وقد قيل في معنى القراءة الأولى: إن هذا نزل في نمرود بن كوش بن كنعان حين اتخذ التابوت وأخذ أربعة من النسور فأجاعها أياماً وعلق فوقها لحمًا وربط التابوت إليها فطارت النسور بالتابوت وهو ووزيره فيه إلى أن بلغت حيث شاء الله تعالى، فظن أنّه بلغ السماء. ففتح باب التابوت من أعلاه فرأى بعد السماء منه كبعدها حين كان في الأرض، وفتح بابا من أسفل التابوت فرأى الأرض قد غابت عنه فهاله الأمر. فصوب النسور وسقط التابوت، وكانت له وجبة فظنت الجبال أنّه أمر نزل من السماء فزالت عن مواضعها لهول ذلك.
فالمعنى على هذا: وإنه كان مكرهم لتزول منه الجبال. أي: قد زالت. وفي التأويل الأول: همت بالزوال، ويروى أنّ عمر وعليا رضي الله عنهما قرأا (وَإِنْ كَادَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الْجِبَالُ)، فهذا يدل على التأويل الأول ويدل عليه أيضا قوله (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا). أي: إعظاما لما جاءوا به.