للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من قال: أراد " قِفَنْ " لأنّه يخاطب واحداً بدلالة قوله في آخر القصيدة:

أجارِ تَرَى بَرقًا أُريكَ وميضَه ... كلمعِ اليَدينِ في حَبيّ مُكلّلِ

وهذا الجواب أضعف الأجوبة؛ لأنَّه محال أن يوصل الكلام والنية فيه الوقف.

* * *

قوله تعالى: (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠))

قال أنس: طلبت الزيادة، وقال مجاهد: المعنى معنى الكفاية، أي: لم يبق مزيد لامتلائها، ويدل على هذا القول (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)، ولا يمتنع القول الأول لوجهين:

أحدهما: أنَّ هذا القول كان منها قبل دخول جميع أهل النار فيها.

والآخر: أن تكون طلبت الزيادة على أن يُزاد في سعتها، ومثله حمل بعضهم قول النبي صلى الله عليه يوم فتح مكة ألا تترك دارك فقال: (وَهَل ترك لنا عقيل من دار)؛ لأنَّه كان قد باع دور بني هاشم لمَّا خرجوا إلى المدينة. فعلى هذا يكون على المعنى الأول أي: وهل بقي زيادة، وجاء في التفسير: أنّ الله تعالى يخلق لجهنم آلة الكلام فتتكلم، وقال بعضهم: هو على التمثيل، وأنشد:

إمتَلًا الحَوضُ وقَالَ قَطِني ... مهلًا رُويدا قَد مَلأتَ بَطني

وكذا قول عنترة:

وشَكَا إليَّ بعَبْرَةٍ وتَحَمْحُمِ

والأوّل هو المذهب؛ لأنَّه لا يمتنع أن يخلق الله لها آلة الكلام فتتكلم؛ لأنَّ من أنطق الأيدي والأرجل

<<  <   >  >>