المستفهم بما يستفهم عنه، وهذا لا يجوز على القديم تعالى، ومثل هذا الإنكار قوله تعالى:(آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ) وكذلك قوله: (آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ) فأما قوله: (آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) فإنما جاز هذا وقد علم أنّه تعالى خير مما يشركون من قبل أنّهم كانوا يعتقدون أنَّ فيما يشركون خيراً، فخاطبهم على قدر اعتقادهم من جهة التبكيت لهم والإنكار عليهم، وفيه حذف والتقدير: أعبادة الله خير أم عبادة ما يشركون، ومثله (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ).
ويقال: أكب الرجل على وجهه فهو مكب، وكببته أنا، وهذا من نوادر الفعل، وذلك أنّ (أفعل) لازم و (فَعَل) متعدٍ. والأصول المقررة بخلاف ذلك، نحو قولك: قام وأقمته وخرج وأخرجته، فيكون (فَعَل) لازما في مثل هذا، و (أفعل) متعدياً، ومثل (أكب) قولهم: أنزفت البئر، إذا ذهب ماؤها، وأمرت الناقة، إذا درَّ لبنها، ومريتها أنا إذا استدررتها بالمسح، وأشنق البعير إذا رفع رأسه. وشنقته أنا إذا مددته بالزمام، وقال الله تعالى في (كبّ) متعديًا: (فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ)، وكذلك:(فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ).