للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنكاره لعبادتهم الأصنام وقولهم بعلم النجوم على بصيرة، لئلا يحتجوا عليه بأنه لا يحسنها، وكان يقال " من جهل شيئًا عاداه "، فقال: إني سقيم، أي: سأسقم.

والثاني: أنّه نظر في نجوم الأرض، وهو جمع نجم وهو ما لم يقم على ساق فرآها تجف وتذوي، فقال: إني سقيم، أي: سأسقم وأذهب كما تذهب هذه النجوم.

وقيل: فنظر نظرة في النجوم، أي: فيم ينجم له من الرأي، أي: يظهر، يقال نجم النبت إذا ظهر، فقال: إني سقيم.

قال الفراء في قوله (إني سقيم) أي: مطعون، ويقال: إنها كلمة فيها معراض، أي: كل من كان في عنقه الموت فهو سقيم وإن لم يكن به حين قالها سقم ظاهر، قال: وهو وجه حسن.

وروي عن يحيى بن المهلّب عن الحسن بن عمارة عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبي بن كعب في قوله تعالى: (لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ)، قال: لم ينسَ ولكنها من معاريض الكلام، وقد جاء عن عمر رضي الله عنه: (إن في المعاريض لما يغنيك عن الكذب).

وقيل: كذب إبراهيم عليه السلام ثلاث كذبات: قوله (إني سَقِيم) وقوله (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا)، وقوله في " سارة " هي أختي، وهذا على ما ذهب إليه الفراء من المعاريض: (إني سقيم) سأسقم، و (فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا) على طريق التبكيت لهم، وكأنه فعله لتعظيمهم إياه، وسارة أخته في الدين.

وقيل: الكذب يجوز في المكيدة والتقية ومسرَّة الأهل بما لا يضر.

<<  <   >  >>