للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل: كان الذبيح يومئذ ابن ثلاث عشرة سنة.

وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال (أنا ابن الذبيحين)، فهذا يدل على أنّ الذبيح (إسماعيل)، لأنّ النبي عليه السلام من ولد إسماعيل، والذبيح الثاني (عبد الله) أب النبي صلى الله عليه وسلم.

حدثني أبي عن عمه حدثنا القاضي منذر بن سعيد حدثنا أبو النجم عصام بن منصور عن أبي بكر أحمد بن عبد الله البرقي عن أبي محمد عبد الملك بن هشام عن زياد بن عبد الله البكاي عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب المصري عن يزيد بن عبد الله عن عبد الله بن دريد الغافقي قال: سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يحدث، قال: كان عبد المطلب نائما في الحجر، فأتاه آت، فقال: احفر طيبة، قال عبد المطلب: وما طيبة؟ - قال: فذهب عني، قال عبد المطلب: فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني فقال: احفر برة، قلت،: وما برة؟ قال: فذهب عني، فلما كان من الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه، فجاءني فقال: احفر المضنونة، قلت: وما المضنونة؟ - قال: فذهب عني. فلمَّا كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت، فجاءني فقال احفر زمزم، قلت وما زمزم؟ - قال: لا ينُزف أبدا ولا يندم، وهي بين الفرث والدم عند نقرة الغراب الأعصم عند قرية النمل، قال: فلما بيّن له شأنها. وعرف موضعها، وعرف أنّه قد صُدق، غدا بمعوله ومعه ابنه الحارث، وليس له يومئذ ولد غيره، فَحفر فلمَّا بدا له الفيء كبَّر، فعرفت قريش أنّه قد أدرك حاجته، فقاموا إليه، فقالوا له: يا عبد المطلب، إنّها بئر أبينا إسماعيل. وإنّ لنا فيها حقا فأشركنا معك فيها، فقال: ما أنا بفاعل، إن هذا الأمر قد خصصت به دونكم وأعطيته من بينكم. قالوا له: فأنصفنا، فإنّا غير تاركيك حتى نخاصمك فيها. قال: فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم إليه، قالوا كاهنة بني سعد بن هذيم، قال: نعم، وكانت بأطراف الشام، فركب عبد المطلب ومعه نفر من بني أبيه من بني عبد مناف، وركب من كل قبيلة من قريش نفر والأرض إذ ذاك مفاوز، فخرجوا حتى إذا كانوا ببعض تلك المفاوز بين الحجاز والشام فني ماء عبد المطلب وأصحابه، فظمئوا حتى أيقنوا بالهلكة، فاستسقوا من معهم من قبائل قريش فأبوا عليهم، فقالوا إنا بمفاوز، ونحن نخشى على أنفسنا مثل ما أصابكم، فلما رأى عبد المطلب ذلك قال لأصحابه ماذا ترون؟ - قالوا: ما رأينا إلا تبع رأيك. فمُرنا بما شئت، قال: فإني أرى أن يحفر كل رجل منكم حفرته لنفسه بما بكم الآن في القرة، فكلما مات رجل دفنه أصحابه في حفرته، ثم واروه حتى يكون آخركم رجلًا، فضيعة رجلٍ واحد أيسر من ضيعة ركب، قالوا: نعم ما أمرت به، ففعلوا ثم قعدوا ينتظرون الموت عطشاً، ثم إنّ عبد المطلب قال لأصحابه:

<<  <   >  >>