للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ابتلاء إبراهيم في أبيه وقومه]

كان إبراهيم قدوة، وكان إماماً، وكان معلماً للخير؛ لتكميله مقام الصبر، ومقام اليقين، اللذين تنال بهما الإمامة في الدين.

وقد ابتلي إبراهيم عليه السلام بلاءً عظيماً، فاستحق أن يكون في النهاية خليل الرحمن سبحانه تبارك وتعالى، فقد ابتلي في نفسه، وابتلي في أبيه وفي أبنائه، وفي بلده، فقد كان قومه يعبدون الأصنام، فهاجر إلى بلاد الشام فوجدهم يعبدون الكواكب من دون الله عز وجل، فناظر هؤلاء وأولئك، فأما قومه فقد عصوا وكفروا وعبدوا الأصنام من دون الله سبحانه، وانتهى بهم الجحود إلى أن جعلوا له خندقاً وأضرموا وفيه النيران، ثم ألقوه فيها فنجاه الله سبحانه تبارك وتعالى، ثم تركهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وتوجه مهاجراً من حران وهي ولاية في العراق إلى بلاد الشام {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الصافات:٩٩].

أما بلاؤه بأبيه فقد كان أبوه صانع الأصنام لقومه، فدعا أباه إلى الله سبحانه تبارك وتعالى، قال سبحانه وتعالى عن دعوة إبراهيم لأبيه: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا} [مريم:٤٢ - ٤٥].

فأبى أبوه إلا الاستمرار على ما هو فيه، قال الله حاكياً رده على إبراهيم: {لَئِنْ لَمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا} [مريم:٤٦]، أي: لأسبنك، ولأشتمنك، ولأطردنك، ولأرمينك بالحجارة.

فرد عليه إبراهيم كما حكى الله عنه: {قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا} [مريم:٤٧ - ٤٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>