للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يرقون) فيمن يدخلون الجنة بغير حساب]

السؤال

قوله في الحديث: (ولا يرقون)، ألا يحمل على الرقى الشركية، بدليل قوله في الحديث الآخر: (اعرضوا علي رقاكم)؟

الجواب

هذا كلام لم يقله به أحد من العلماء، وواضح أن السائل غير فاهم لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، فرواية: (هم الذين لا يرقون)، ضعيفة، وعلى فرض صحتها كما صححها الحافظ ابن حجر فلم يقل أحد من العلماء: أنهم الذين لا يرقون الرقى الشركية؛ لأنه لو كان المعنى كذلك فإن الحديث له منطوق ومفهوم، فمنطوقة: سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب هم الذين لا يرقون، تنزلاً على ما قاله السائل من أن المعنى: يرقون الرقى الشركية، فإن مفهومه أن غيرهم ممن يدخلون الجنة هم الذين يرقون الرقى الشركية، وهذا لا يقول به أحد من المسلمين.

ولذا فقوله: (لا يرقون)، عند الذين صححوها كالحافظ ابن حجر رحمه الله، حملوها على معنى (لا يسترقون)، أو قريباً منه، فالذي لا يسترقي لا يطلب من غيره ذلك، إذ فيه تحقيق لمقام التوكل، ولا يرقي أصلاً، لا هذا ولا ذاك، فيترك الاثنين، لكن كلام شيخ الإسلام أقعد وأقوى من الناحية الأصولية في المعنى، إذ كيف نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرقي نفسه كل ليلة ثم نقول: إنهم يتركونه بالأصل؟ وقد يقال: إنه ما فعل ذلك إلا ليشرع، والجواب: التشريع يكفي فيه أن يفعلها صلى الله عليه وسلم مرة، لكنه كان يرقي نفسه كل ليلة صلى الله عليه وسلم، فيجمع يديه عليه الصلاة والسلام إلى فمه، ويقرأ المعوذات: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١].

{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق:١].

{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس:١].

ولذا فالراجح أن صحيح الروايتين هو: (لا يسترقون)، وأن لفظه (لا يرقون)، وهم من الراوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>