للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في طرف الولاية عندما حضرنا، وما فتئ ابن البخار يتابع السير على عجل إلى أن وقف على محطّة حماة الّتي كان ينتظرنا على إفريزها صاحبا الوجاهة والفضل، زعيم أسرة الكيلانية الشهيرة ورئيس أسرة الأزهري، مظهرين لنا مزيد الأسف لما فاتهما أوّلاً وآخراً من نزولنا في بلدهم. وقد كانا يودّان كثيراً أن ننزل ضيوفاً عليهما، ولو زمناً يسيراً، فشكرتهما واعتذرت إليهما بضيق الوقت. وفي تلك الأثناء عرضت عليّ جملة خيل من الّتي اشتهرت عندهم بالقوّة والجلد والصبر على احتمال المتاعب والمشاق، فما وجدت فيها ما يروّجها من المحاسن والمميزات الّتي تعشق بها الخيل وتقتنى من أجلها الجياد. وهنا ودّعنا حضرات أصحاب السعادة والفضل، مرعي باشا وقومندان الجندرمة وبقيّة الوفد، وكررنا لهم شكرنا، وعدنا بأجمل الثناء على عطوفة الوالي الّذي بذل كلّ عنايته في إدخال السرور علينا من كلّ طريق. ثمّ تحرّك القطار متّجهاً إلى حمص الّتي وصلنا إليها، دون أن نشعر من هذا السفر بتعب أو قلق، بل كان ارتياحنا إلى تلك المدينة لا يقل عن ارتياح الإنسان إلى مسكنه ووطنه، لما كنّا نجده دائماً من لطف سعادة عبد الحميد باشا الدروبي وكرمه، خصوصاً بعدما تردّدنا على هذه البلد وأوينا إليها مرّة بعد أخرى. وحينما وصلنا إلى المنزل الّذي وصفنا جماله في

الدفعة الأخرى، حضر إلينا زائران: أحدهما شيخ كبير من المعروفين في ضواحي حمص بالصلاح والتقوى، والثاني أمير من أمراء المغرب، وهو نجل الأمير محمد المنبهي الّذي كان ناظر الحربية في مملكة مراكش فاستقبلناهما بما يليق بمقامها من الاحترام.

[حديث الأمير المغربي]

وما كاد يستقرّ بالأمير مجلسه حتّى أخبرنا عن قصّته في أيّامه الأخيرة، فقال إنّه كان قائداً من قوّاد الروجي الّذي كثيراً ما ألحّ في حرب سلطان المغرب واشتدّ عليه، وأنّه كان من أجل ذلك يحارب في الجملة والده، ضرورة أنّه كان إذ ذاك وزير

<<  <   >  >>