ومن هذه القلعة ذهبنا إلى المسجد لتأدية فريضة الجمعة حيث كنّا على وشك الصلاة، وهناك رأينا في انتظارنا عدداً كبيراً من عظماء القوم في مدينة بعلبك، يتقدّمهم حضرات أصحاب الفضيلة والسعادة نقيب السادة الأشراف، وقائمقام بعلبك، وعبد الحميد باشا الدروبي. وبعدما فرغنا من أداء الصلاة، قصدنا إلى الفندق مباشرة فتناولنا هناك طعام الغداء، وجلسنا بعد ذلك ريثما أخذنا أهبتنا
للسفر. ثم ذهبنا على عرباتنا إلى المحطّة الّتي كانت مكتظّة بالمودعين من حكام المدينة وعلية الناس فيها فسلّمنا عليهم. وقد رأينا من عنايتهم وعناية الأهالي بتوديعنا ما كان لا يقل عن ترحابهم وحفاوتهم بنا عند الاستقبال. أمّا نحن فقد بارحنا هذا البلد على غاية من السرور، شاكرين لأهلها الكرماء ما قابلونا به أوّلاً وأخراً من اللطف والمعروف.
[السفر إلى حمص]
نزلنا من القطر وما هي إلا لمحة عين وقد تحرّك متّجهاً مع سلامة الله إلى حمص وكان طريق سيره بالقرب من نهر هناك يعرف بنهر العاصي وكان على جانبي الطريق بساتين أنيقة وزروع بهيجة تنعش الروح وتسرّ الخاطر وقد صادفنا أثناء سيرنا قرية تسمّى الياعات.
[الياعات]
قرية واقعة في طريق حمص بين بعلبك وبلد تسمّى برأس بعلبك، وعدد سكّانها يبلغ نحو ألف نفس، وأهلها يستقون من بئر عذب جميل. وقد اشتهرت هذه القرية