للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأعيان المدينة ووجهائها المحترمين، وفي مقدمتهم صاحب السعادة قائمقام حمص. وكان سعادة عبد الحميد باشا الدروبي يعرّفنا بالذوات والعظماء ويقدّمهم إلينا واحداً واحداً، وكنت أقابل الجميع بجزيل الشكر والامتنان. ثمّ ركبنا وركب معنا سعادة القائمقام عربة الباشا الخاصة الّتي كانت قد حضر بها مع جملة عربات أنجال سعادته، وقصدنا توّاً إلى منزله. وكان الطريق من المحطة حتّى بيت سعادة الباشا مزدحماً بالناس الّذين كانوا يستقبلوننا والبشر يتلألأ على وجوههم، حتّى لقد كنت أخال أنّي ضيف كلّ واحد منهم على حدته. وما كنت لأستغرب أن يخرج إلى المحطّة وطرقات البلد سكّان المدينة عن بكرة أبيهم فألاقي من حفاوتهم واحتفالهم بنا ما لم يتّفق أن نلاقيه في جميع بلاد الشام. وأنا أعرف أنّ سعادة عبد الحميد باشا الدروبي قد اِشترى من جميع هؤلاء الناس أفئدتهم وملك نفوسهم بما يسديه إليهم من معروفه وماله، فهو في تلك المدينة بمثابة والد شفيق لكافة الناس.

بِبذلٍ وحلمٍ سادَ في قومِهِ الفَتى ... وَكَونك إِيّاه عَليكَ يَسيرُ

أمّا البيت فكان واقعاً من البلد في أجمل منطقة وأحسن بقعة، تحيط به الحقول اليانعة والبساتين الواسعة من جميع جهاته، وليس منظره من الداخل بأقلّ حسناً وبهجة منه في الخارج.

[زيارات]

وقد جاء إلينا في ذلك البيت جميع الّذين كانوا قد اِستقبلونا عند موقف القطار وغيرهم، فاستقبلناهم بما يليق بهم من الحفاوة والاحترام، وجلسنا معهم مجلساً طويلاً نتحدّث سويّاً. وكان من بينهم بعض مشايخ وبكوات من عشائر الدنادشة المعروفين في تلك البقاع بالمهارة في ركوب الخيل والمشهورين باقتناء جيادها أيضاً. وقد كنت أعرف ذلك عنهم قبل مخالطتهم في هذا البلد، ومن ثمّ قلت لهم

في غضون حديثي أنّي أرجو، إن شاء الله، أن أرى ما يسرّني من كرائم خيلكم ومهرة فرسانكم. فقالوا: إن شاء الله، سنتشرف بمقابلة دولتكم عندما تمرّون في طريق

<<  <   >  >>