سفركم السعيد من حمص إلى طرابلس، وإذ ذاك ترون من الخيل والخيّالة ما لعلّه يوافق رغبتكم الشريفة.
[قلعة حمص]
وبعد ذلك ذهبنا إلى زيارة قلعة حمص، وكنّا نحسب أنّها من الأهميّة بالمكان الّذي يستدعي قصد السياح إليها. ولكنّا وجدناها خربة قد دمّرتها يد الخطوب والحوادث وحطّمها كرّ الغداة ومرّ العشيّ، حتّى لم يبقَ من معالمها الأثريّة إلا باب أو بابان، لا أذكر تماماً. ويقال إن جدّنا المرحوم إبراهيم باشا هدم من ذلك الحصن جزءاً كبيراً عندما حارب الشام وخرج عليه أهل حمص وعصوا أوامره. وكنّا نرى ونحن فوقها من أبنية المدينة، خصوصاً جوامعها وكنائسها وما يحيط بها ويتخلّلها من الأشجار والأنهار، مثل تلك المناظر الجميلة الّتي كنّا نطل عليها تحت الجبال والحصون العالية في كثير من بلاد الشام.
[كلمة عامة عن المدينة]
نزلنا من القلعة قاصدين إلى زيارة ما كان يهمّنا زيارته في هذا البلد، فقصدنا أوّلاً إلى زيارة جامع خالد بن الوليد، رضي الله عنه، فمررنا من سوق كبير مسقوف بالخشب كأسواق دمشق وبعض الأسواق في بلاد الشرق. ولاحظنا أثناء مرورنا أن أغلب الباعة في حوانيت هذا السوق كانوا من الحمصيّين، أمّا المشترون فإنهم يختلفون بين هؤلاء وبين أعراب البادية والشراكسة المهاجرين الّذين يسكنون ضواحي حمص وما يجاورها من البلاد. كما لاحظنا، من الأزقّة والطرق وشكل البيوت في كلّ الجهات الّتي مررنا عليها، أن مدينة حمص كسائر بلاد الشام، على
معنى أنّها لا تزال إلى اليوم حافظة لكيانها الشرقي وشكلها الأصلي.