كانت مكسوة (بالموزاييك) وعند كلّ من الجانبين الشرقي والغربي حُجر صغيرة حوّلها العرب إلى حصون ومنافذ ضيّقة لإرسال السهام. ومن تلك الساحة المسدّسة يدخل إلى ساحة المذبح بعد اجتياز ثلاثة أبواب، منها اثنان متهدّمان أمّا الثالث، وهو أصغرها، فلم يزل قائماً على حاله. ويظهر أيضاً أنّ هذه الساحة كانت محاطة بأعمدة مثل الّتي تقدمتها، وأنّه لا يزال يوجد فيها
آثار بعض غرف على الجانبين الشمالي والجنوبي، وقد تأمّلنا الجدران في الساحتين فوجدناها آخذة من الزخرف والزينة بالصناعة الدقيقة ما يفوق الوصف. ثمّ إن في تلك الجدران محاريب كانت معدّة لوضع الأصنام، ولم يزل بعض الحجرات إلى اليوم مسقوفاً وحافظاً لشيء من جمال سقوفه. ويظهر أن تلك الغرف كانت معدّة لإيواء بعض زائري المعبد. وفي وسط الساحة تقريباً يوجد مذبح كبير لم يظهر إلا نصفه وبعض الدرج التي كان الكهنة يقفون عليها عند تقديم القربان، أمّا النصف الثاني من ذلك المذبح فلا أثر له، ويقال إنّه هدم لإدخاله ضمن الكنيسة التي بناها بيتودوز. ويوجد على المذبح حوض المعمودية الّذي صنعه الإمبراطور المذكور أيضاً وفي جنوب ذلك الحوض يوجد حوض آخر يظهر أنّه كان للاستحمام، ولم يبق إلا شيء قليل من آثار المعبد الكبير الّذي كان مخصّصاً بجميع آلهة اليوبوليس، وأهمّ هذه البقية ستّة أعمدة هائلة ويوجد في الجنوب الشرقي من هذه الأعمدة معبد باكيس وهو يكاد يكون وحده الأثر المحفوظ وربّما كان من أحسن الآثار القديمة في جميع البلاد السورية، وهو مستقل تمام الاستقلال عن المعبد الكبير وأقلّ منه ارتفاعاً وليس له ساحة، ويصعد إليه بسلّم ذي ثلاث درجات، وسقفه مصنوع بغاية الإتقان يمثل مسدّسات فيها بعض صور محي معظمها بمرور الزمان. وفي الجهة الغربية توجد أعمدة لا تزال باقية حتّى الآن، ويوجد في تلك الجهة نفسها بعض قطع هائلة من السقف. ومن الجهة الشرقية يوصل السلم المذكور سابقاً إلى دهليز على جانبيه أعمدة، ومن ذلك الدهليز يصل السائر إلى باب المعبد الداخلي وهو باب جميل الصنع جدّاً، وعلى جانبي الباب الكبير بابان صغيران، وبأعلاهما يمتدّ على طول الجدار إفريز جميل، يظهر أنّه كان مزداناً بنقوش بارزة. أمّا الهيكل الداخلي فقد رأيناه متهدّماً إلا أنّه في الجهة الشمالية كان أقلّ تهدّماً منه في الجهة الجنوبية، على أنّ النقوش