للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} (١) وفى قوله - عز وجل - {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} (٢).

وقد شاء الله - سبحانه وتعالى - بواسع رحمته ودقيق حكمته، أن يختار من عباده قلة يجعل منهم المثل الذى يحتذى والنموذج الذى يقتدى به فى الانصياع لأوامر الله - عز وجل - وتطبيق تعاليمه وأحكامه، وكأنه - سبحانه وتعالى - قضى بباهر حكمته أن يجعل من حياتهم وواقع سلوكهم فى الجملة، وسيلة إيضاح لمن بعدهم، يهتدون بهديهم كلما غم عليهم الأمر والتبست عليهم الحقائق بأشباهها. وقد تمثلت هذه القلة المختارة فى صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رضوان الله عليهم.

وليس فى اختيار الله لهم ما يثير دهشة أو يبعث على تساؤل، فهم الرعيل الأول الذين بلغوا عن الله وعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بعد فترة من الرسل، وهم الذين رأوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذوا منه وتعلموا على يديه، وهم الذين سرى نور النبوة إلى أبصارهم التى اكتحلت بمرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم سرى منها إلى قلوبهم التى فاضت بمحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحق أن يكونوا ظلاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم أن يكونوا من بعده الهداة الذين يقتدى بهم والنموذج الأسمى لكيفية السير على صراط الله - عز وجل -.


(١) سورة إبراهيم – الآيتان ١٣، ١٤.
(٢) سورة الروم - الآية ٤٧.

<<  <   >  >>