للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شهادة أهل السنة والجماعة لصحابة رسول الله بالجنة]

وأهل السنة كذلك يشهدون لمن شهد له القرآن والسنة من أصحابه عليه الصلاة والسلام بأعيانهم وذواتهم بأنهم من أهل الجنة، ويرجون دخول الجنة لمن عداهم؛ ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: (أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وأبو عبيدة عامر بن الجراح في الجنة)، حتى ذكر العشرة، وهم المعلومون عند عامة الناس بالعشرة المبشرين بالجنة.

وذلك جمعهم الراجز في قوله: سعيد وسعد وابن عوف وطلحة وعامر فهر والزبير الممدح فقوله عليه الصلاة والسلام: (أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة)، ألا يكفي هذا النص للرد على الشيعة والخوارج؟ وقوله: (وعثمان في الجنة) ألا يكفي هذا النص في الرد على المعتزلة الذين توقفوا في إثبات إيمان عثمان بن عفان؟ بلاء عظيم جداً وقع في الأمة بعد مقتل عمر أمير المؤمنين رضي الله عنه، وزادت الفتنة اشتعالاً بعد مقتل عثمان رضي الله عن أصحابه أجمعين.

وكذلك ثابت بن قيس بن شماس لما نزل قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} [الحجرات:٢]، وكان صوت ثابت عالياً بطبيعته وأصل خلقته، فظن أن هذه الآية نزلت تهديداً له، وأنها خبر من الله بحبوط عمله، فلزم بيته وقال: أنا من أصحاب النار، فلما افتقده النبي عليه الصلاة والسلام وعلم بخبره، قال: (اذهبوا إليه وبشروه بالجنة).

وكذا أمهات المؤمنين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا وفي الآخرة، لم يستثن الله تبارك وتعالى منهن أحداً، وهن أمهات للمؤمنين والمؤمنات إلى قيام الساعة في التعظيم والتبجيل والاحترام والنكاح وغير ذلك، وليسوا أمهات فيما يتعلق بخاصة النسب من ثبوت الأمومة الحقة المباشرة، أو ثبوت النسب والميراث وغير ذلك مما يتعلق بحقوق النسب بين الأصول والفروع.

وكذلك بلال بن رباح في الجنة, والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (إني لأسمع خشخة بلال في الجنة، فلم يا بلال؟! قال: يا رسول الله! والله ما أزيد على أني إذا توضأت صليت ركعتين لكل وضوء) عمل صالح استحق به الجنة فدخلها، حتى بشره النبي عليه الصلاة والسلام بذلك.

وكذلك عبد الله بن سلام الذي كان من أحبار اليهود بالمدينة، لما سمع بمقدم النبي عليه الصلاة والسلام دخل في دينه على التو والفور، فبشره النبي عليه الصلاة والسلام بأنه من أهل الجنة.

وكذلك عكاشة بن محصن الذين نحفظ حديثه جميعاً، قال: (يا رسول الله! ادع الله أن أكون منهم، قال: أنت منهم، فقام إليه آخر وقال: يا رسول الله! ادع الله أن أكون منهم -أي: من السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب-، فقال: سبقك بها عكاشة)، وليس هذا رداً لهذا الرجل وأنه ليس من أهل الجنة، بل أراد النبي عليه الصلاة والسلام إغلاق الباب حتى لا يقوم الجميع يطلبون هذا المطلب؛ فيقوم منهم المنافقون يطلبون هذا الطلب، فيضطر النبي عليه الصلاة والسلام أن يقول للمنافقين: لستم من أهل الجنة، فيعلمهم بقية الأصحاب فتكون فتنة عظيمة جداً تستأصل الأخضر واليابس، فأغلق النبي عليه الصلاة والسلام الباب من أول الأمر، وقال: (سبقك بها عكاشة)، فكان هذا إشارة ألا يقوم ثالث من باب أولى.

وكذلك ماعز الأسلمي مع أنه زنى، لكنه لما أقيم عليه الحد، قال عليه الصلاة والسلام: (إني لأراه الآن يسبح في أنهار الجنة)؛ لأنه قد تاب من ذنبه، وكذلك الغامدية التي قال في حقها النبي عليه الصلاة والسلام: (إنها تابت توبة لو وزعت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم)، وفي رواية قال: (إنها تابت توبة لو تابها صاحب مكس -أي: جابي ضرائب وآخذ لأموال الناس بغير حق- لتاب الله عليه).

<<  <  ج: ص:  >  >>