للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فوائد الإيمان بالقدر]

من فوائده الإيمان بالقدر: أنه من تمام الإيمان ولا يتم الإيمان إلا به.

ومن فوائده كذلك: أنه من تمام الإيمان بالربوبية، وهي من خصائص الله عز وجل، أن الله تعالى إله واحد لا رب سواه؛ لأن قدر الله تعالى من أفعاله، وأفعال الله تعالى في سلطان ربوبيته، وإذا آمن الإنسان بالقدر رد أموره كلها إلى ربه؛ لأنه إذا علم أن كل شيء بقضاء الله تعالى وقدره فإنه سيرجع إلى الله تعالى في كل شيء من حياته؛ ليدفع الضراء ويرفعها، ويجلب السراء ويعرف أنها من فضل الله عز وجل.

الفائدة الرابعة من فوائد الإيمان بالقدر: أن الإنسان يعرف قدر نفسه، ولا يفخر إذا فعل الخير؛ لعلمه أن الله تعالى هو الذي وفقه إلى فعل الخير، فيكون المتفضل والمنعم على الحقيقة بهذه الطاعة أو بهذه النعمة أو بهذا الإحسان هو الله عز وجل.

الفائدة الخامسة: إذا آمن المرء بقضاء الله وقدره هانت عليه المصائب التي تنزل عليه؛ لعلمه أن ذلك من عند الله، وأنه ما من مصيبة ولا ألم ولا وصب ولا نصب حتى الشوكة يشاكها ابن آدم -أي: المسلم- إلا كفر الله عز وجل عنه بها خطاياه، كما قال الله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن:١١]، أي: ومن يؤمن أن كل شيء من عند الله هدأ قلبه واطمأن، فيرضى ويسلم.

سادساً: إضافة النعم إلى مسديها، وكثير من الناس يغلط في ذلك غلطاً فاحشاً، إذا أسدى إليك إنسان معروفاً نسبت الفضل إليه هو، مع أن المتفضل بهذا المعروف وهذا الإحسان هو الله عز وجل، وهذا العبد سبب جعله الله عز وجل في عباده لمباشرة الإحسان، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض)، فالرازق الحقيقي هو الله عز وجل، وجريان الرزق على يد فلان ما هو إلا سبب من الأسباب الشرعية التي هيأها الله عز وجل في الكون.

سابعاً: أن الإنسان يعرف بالإيمان بالقدر حكمة الله عز وجل؛ لأنه إذا نظر في هذا الكون وما يحدث فيه من تغييرات باهرة عرف حكمة الله عز وجل، بخلاف من نسي القضاء والقدر، فإنه لا يستفيد هذه الفائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>