للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المؤمنون وسط في أنبياء الله ورسله وعباده الصالحين]

قال شيخ الإسلام رحمه الله: (والمسلمون وسط في أنبياء الله ورسله وعباده الصالحين، لم يغلوا فيهم كما غلت النصارى فاتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله عز وجل، كما اتخذوا المسيح ابن مريم إلهاً من دون الله: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة:٣١]-يعني: لم يغالوا في الأنبياء فيبلغوا مرتبة الإلهية- كما أن المسلمين لم يجفوا عنهم جفاء اليهود، الذين قتلوا الأنبياء بغير حق، والذين يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، وكلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم استكبروا فقتلوا فريقاً وكذبوا آخر من أنبياء الله ورسله).

فالأمة وسط بين الغلاة -أي: بين الغلو والجفاء- فيما يتعلق بمعتقدهم في الأنبياء؛ يعتقدون أنهم بشر، وأن الله تعالى إله واحد لا إله غير ولا رب سواه.

كما زعمت النصارى أن عيسى إله، وزعموا أنه ابن الإله، وزعموا أنه ثالث ثلاثة، وكذلك قالت اليهود: عزير ابن الله، تعالى الله عز وجل عن قولهم علواً كبيراً.

ولذلك: (أتى آت فهم بالسجود للنبي صلى الله عليه وسلم وكان قد أتى من اليمن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ماذا تصنع؟ قال: يا رسول الله! أنت أحق بذلك، إنما رأيت الناس هناك يسجدون لبطارقتهم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: لا تفعل)، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله)، فهذا تقرير لعبودية النبي عليه الصلاة والسلام لربه، وأنه ليس إلهاً، كما أن الله تبارك وتعالى أمر بإجلاله وتعظيمه وتوقيره وتعزيره، وألا نناديه كما ينادي أحدنا أخاه، بل أمر الله عز وجل في أول الأمر أن من أراد أن ينادي رسول الله، فليقدم بين يديه صدقة، ثم نسخ الله تعالى ذلك، وأمرنا إذا ناديناه أن نقول: يا رسول الله! ولا نقول: يا محمد!

<<  <  ج: ص:  >  >>