للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنه لا يغفر لمن يستحق العذاب إلا من ليس فوقه أحد يرد عليه حكمه وهذه هي العزة والعزيز هو الغالب، والحكيم من يضع الشيء في محله.

والله كذلك إلا أنه قد يخفى وجه الحكمة فيتوهم الضعفاء أنه خارج عن الحكمة فكان الوصف بالحكيم احتراز حسن. أي: وإن تغفر لهم مع استحقاقهم للعذاب فلا يعترض عليك أحد في ذلك.

- وقيل: لا يجوز الغفور الرحيم لأن الله تعالى قطع لهم بالعذاب في قوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء: ٤٨].

- وقيل: لا يجوز الغفور الرحيم لأنه يكون على سبيل الدعاء، والدعاء لمن مات على الكفر لا يجوز وقد وردت هذه العبارة: الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ/ ٢٩/ مرة في القرآن الكريم، وعبارة: عَزِيزاً حَكِيماً فقد وردت/ ٥/ مرات في القرآن الكريم، أما حَكِيمٌ عَلِيمٌ فعددها خمسة: ثلاثة في الأنعام، وفي الحجر واحدة، وفي النحل واحدة.

[من فائدة الفاصلة الإيغال في المعنى]

أ- الإيغال: تجاوز المعنى الذي يتكلم به المتكلم إلى أن يبلغ الزيادة عن الحد. يقال: أوغل في الأرض إذا بلغ منتهاها، وهكذا المتكلم يذع معناها ثم يتعداه بزيادة فيه فيكون قد أوغل.

ب- أمثلة عن الإيغال: مثل قوله: وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ [النمل: ٨٠].

فقد تمّ المعنى عند قوله: وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ [النمل: ٨٠]، ثم زاد على ذلك بالفاصلة فقال: إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ [النمل: ٨٠].

وزاد بكلمة مدبرين بعد ولوا لأن التولية قد تكون بجانب دون جانب، كقوله تعالى: وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ [الإسراء: ٨٣].

<<  <   >  >>