للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعنصر الثاني:

إن حياة النفوس بهدى الله تعالى ولا حياة لها بغيره كما أن حياة الأرض بالماء ولا حياة لها بدونه فلا حياة لها بذهب أو فضة أو مال ولا غير ذلك، فبالماء وبالماء فقط تحيا الأرض فالذين يظنون أن تحيا نفوسهم بغير ما أنزل الله من مدنيات أو علوم خالية من الروح، أو يظنونها تحيا بكثرة ما يجمعون من عرض الدنيا إذ لا موت إلا فيما يطلبون ولا حياة إلا فيما يعرضون عنه ويدعون.

قال تعالى:

أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام: ١٢٢].

فهؤلاء: أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النحل: ٢١].

ما داموا بعيدين عن مصدر الحق كما تموت الأرض إذا بعدت عن الماء والله ينادينا فيقول: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [الحديد: ١٧].

وأرض القلوب والنفوس كهذه الأرض التي نعيش عليها. فقد قال قبل هذه الآية:

أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (١٦) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها [الحديد: ١٦ - ١٧].

- إن للماء الذي يسري في الأرض شاهدا ملموسا نراه في الزرع والزهر والشجر والثمر فهل بحياة النفوس والقلوب بالوحي من آثار؟ نعم.

ومنها:

<<  <   >  >>