للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المستقبل القائم على النقاء، والطهارة، والإيمان، والعمل، والعلم، وكل ما من شأنه تملك زمام النفس والحياة.

وإذا أردنا أن نخطط لبناء مجتمع أو أمة، فلن يكون الأمر إلا عن طريق بناء الفرد النواة التى يتكون منها ذلك المجتمع، وتكوين الوعى لدى جماهير الأمة يستحيل بناؤه بمعزل عن الدين، والفهم العميق له، ودوره فى التقدم، فإذا كانت المجتمعات الغربية قد أفلست فى الماضى عن أن تحقق نجاحا فى أن تتخذ من الدين وسيلة إلى النهوض والتقدم والرقى، فدفعها ذلك إلى تنحيته عن معارك الحياة، وإبعاد من اتخذوه سلعة وتجارة، فإن الدين الإسلامى ليس على هذا النحو، فهو الحياة بكل ما فيها من متطلبات، تعنى بشأن الفرد والجماعة، والأخذ بيد الإنسان كى يحيا حياته التى خلقه الله من أجلها، فالدين ليس حكرا على أحد، وليس نزعة للتسلط، وإنما هو أول مصدر من مصادر الوعى لدى الإنسان بحقيقة الحياة الكونية والاجتماعية، والمتمشى مع فطرته التى فطره الله عليها، يعدل من مساره ويتسامى بغرائزه، ولا يقف ضد حاجيات نفسه المادية، والروحية، والسلوكية، والنفسية، إلا بمقدار ما يوجه ويرشد.

لذا كانت لتعاليمه التى نزلت من أربعة عشر قرنا من الزمن، سمة الصلاحية والاستمرار، لا يدخلها تغيير أو تبديل، بخلاف ما نرى من نظريات تقوم العقول البشرية بوضعها لتنقذ الإنسان فى اعتقادهم من براثن الحياة، ومن شر ما يحيط به فى أجوائها تحت أسماء الاشتراكية أو الرأسمالية، إلى آخر ما يصنفون ويبدعون، ثم ما تلبث أن تتهاوى تلك النظريات بفعل التطبيق، وتظهر الأيام قصورها، وحاجاتها إلى التغيير والتبديل لتوائم الحياة بأحداثها ومتطلباتها.

رسالة الإسلام تحقيق الهداية للبشر فى اعتقادهم، وتوجيه حركة الحياة للفرد والجماعة، عن طريق ما تثبته من قيم نبيلة للأفراد والجماعات.

١ - قال الله تعالى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها (١) فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ (٢) فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها (٣) وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ (٤)


(١) خرج من الآيات بأن كفر بها.
(٢) فاتبعه الشيطان: لحقه الشيطان بعد أن اخار هذا الانسلاخ.
(٣) لو أردنا أن نرفعه بتلك الآيات إلى درجة الكمال والعرفان التى تقرن العلم بالعمل.
(٤) أخلد إلى الأرض: مال إلى الدنيا وحطامها.

<<  <   >  >>