وعمدها جبل ق المحيط بالدنيا، وهو من زبرجد أخضر من زبرجد الجنة، والسماء مقبية فوقه كالقبة وخضرتها من خضرته، فيكون ترونها في موضع الصفة لعمد، والتقدير بغير عمد مرئية، وحينئذ فالوقف على السموات كاف، ثم يبتدئ بغير عمد ترونها، أي: ترونها بلا عمد. وقال الكواشي:
الضمير في ترونها يعود إلى السموات، أي: ترون السموات قائمة بغير عمد، وهذا أبلغ في الدلالة على القراءة الباهرة. وإذا الوقف على عمد ليبين أحد التأويلين من الآخر. ثم يبتدئ ترونها، أي: ترونها كذلك، فترونها مستأنف فيتعين أن لا عمد لها البتة لأنها سالبة تفيد نفي الموضوع وإن قلنا إن ترونها صفة تعين أن لها عمدا، وحاصله أنهما شيئان. أحدهما: انتفاء العمد والرؤية معا، أي: لا عمد، فلا رؤية سالبة تصدق بنفي الموضوع لأنه قد ينفي الشيء لنفي أصله نحو: لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً أي: انتفى الإلحاف لانتفاء السؤال. الثاني: أن لها عمدا ولكن غير مرئية كما قال ابن عباس: ما يدريك أنها بعمد لا ترى عَلَى الْعَرْشِ جائز، ومثله: والقمر مُسَمًّى حسن الْآياتِ ليس بوقف لحرف الترجي وهو في التعلق كلام كي تُوقِنُونَ تامّ وَأَنْهاراً كاف، ومثله: اثنين يغشى الليل النهار يَتَفَكَّرُونَ تامّ مُتَجاوِراتٌ كاف: إن جعل وجنات مبتدأ وخبره محذوف تقديره وفيها جنات، وليس بوقف إن عطف جنات على قطع، وكذا ليس بوقف إن جرّ جنات عطفا على ما عمل فيه سخّر، أي: وسخر لكم جنات من أعناب، وبها قرأ الحسن البصري، وعليها يكون الوقف على متجاورات كافيا، ويجوز أن يكون مجرورا حملا على كل، أي: ومن كل الثمرات ومن جنات مِنْ أَعْنابٍ كاف، لمن رفع ما بعده بالابتداء
اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ صالح وَالْقَمَرَ حسن لِأَجَلٍ مُسَمًّى تامّ، وكذا توقنون وَأَنْهاراً كاف: عند بعضهم اثْنَيْنِ كاف، وكذا: النهار يَتَفَكَّرُونَ تامّ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ كاف: لمن قرأ ما بعده بالرفع بالابتداء وَغَيْرُ صِنْوانٍ صالح