للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الخامس: أن اليهود لما تكلموا حين صرفت القبلة إلى الكعبة نزلت هذه الآية، ومعناها: لا تلتفتنّ إلى اعتراض اليهود بالجهل، وإن المشرق والمغرب لله يتعبدكم بالصلاة إلى مكان ثم يصرفكم عنه كما يشاء. ذكره أبو بكر بن الأنباري، وقد روى معناه عن ابن عباس رضي الله عنهما.

القول السادس: أنه ليس المراد بالصلاة وحدها وإنما معنى الآية من أي وجه قصدتم الله وعلى أي حال عبدتموه علم ذلك وأثابكم عليه.

والعرب تجعل الوجه بمعنى القصد، قال الشاعر:

أستغفر الله ذنبا لست محصيه ... ربّ العباد إليه الوجه والعمل

معناه: إليه القصد والتقدم. ذكره محمد بن القاسم أيضا.

القول السابع: أن معنى الآية أينما كنتم من الأرض فعلم الله بكم محيط لا يخفى عليه شيء من أعمالكم. ذكره ابن القاسم أيضا، وعلى هذه الأقوال الآية محكمة.

القول الثامن: ذكر أربابه أنها منسوخة، فروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أول ما نسخ من القرآن شأن القبلة، قوله تعالى: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة: ١١٥] فاستقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بصلاته صخرة بيت المقدس فصلّى إليها، وكانت قبلة اليهود، ليؤمنوا به وليتبعوه وليدعوا بذلك الأميين من العرب، فنسخ ذلك وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [البقرة: ١٥٠].

[٢٠] (١) - أخبرنا إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال: ابنا أبو الفضل عمر بن عبيد الله البقال قال: ابنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران، قال: ابنا أبو الحسين إسحاق بن أحمد الكاذي، قال: بنا عبد الله بن حنبل، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني حجاج بن محمد، قال: ابنا ابن جريح، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أول ما نسخ من القرآن- فيما ذكر لنا والله أعلم- شأن القبلة، قال: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ فاستقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فصلّى نحو بيت المقدس، وترك البيت العتيق ثم صرفه الله إلى البيت العتيق فقال:

سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها [البقرة: ١٤٢] يعنون بيت


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (١/ ٢١٢/ ١١٢٣) وابن جرير الطبري في «تفسيره» (٢/ ٥٢٧/ ١٨٣٣ - شاكر) والحاكم (٢/ ٢٦٧) وأبو عبيد في «الناسخ والمنسوخ» (٢١).
من طريق ابن جريج به.
وصحح إسناده الحاكم، ووافقه الذهبي. وقال الشيخ أحمد شاكر: «وهو كما قالا».

<<  <   >  >>