الحال، ولذلك علّق القرآن جوازه مخافة تركهما القيام بالحدود، وهذا أمر ثابت والآية محكمة عند عامة العلماء.
[٦١]- إلا أنه قد أخبرنا إسماعيل بن أحمد، قال: ابنا عمر بن عبيد الله البقال قال: ابنا أبو الحسين بن بشران، قال: ابنا إسحاق بن أحمد الكاذي، قال:
بنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدّثني أبي، قال: بنا حماد بن خالد الخياط، قال: بنا عقبة بن أبي الصهباء، قال: سألت بكر بن عبد الله عن رجل سألته امرأته الخلع؟ فقال: لا يحل له أن يأخذ منها شيئا، قلت له: يقول الله عزّ وجلّ: فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ [البقرة: ٢٢٩] قال: نسخت، قلت: فأين جعلت؟ قال: في سورة النساء: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً [النساء: ٢٠].
قلت: وهذا قول بعيد من وجهين:
الأول: أن المفسرين قالوا في قوله تعالى: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ نزلت في الرجل يريد أن يفارق امرأته ويكره أن يصل إليها ما فرض لها من المهر فلا يزال يتبعها بالأذى حتى ترد عليه ما أعطاها لتخلص منه. فنهى الله تعالى عن ذلك، فأما آية الخلع فلا تعلق لها بشيء من ذلك.
والثاني: أن قوله: فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً إذا كان النشوز من قبله، وأراد استبدال غيرها، وقوله: فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ إذا كان النشوز من قبلها فلا وجه للنسخ.
وقد ذكر السّدّي في هذه الآية نسخا من وجه آخر فقال: قوله: وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً منسوخ بالاستثناء وهو قوله: إِلَّا أَنْ يَخافا.
قلت وهذا من أرذل الأقوال، لأن الاستثناء إخراج بعض ما شمله اللفظ وليس بنسخ.
[ذكر الآية الثانية والثلاثين]
: قوله تعالى: وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ [البقرة: ٢٣٣].
عامة أهل العلم على أن هذا الكلام محكم، والمقصود منه بيان مدة الرضاع، ويتعلق بهذه المدة أحكام الرضاع.
وذهب قوم من القراء إلى أنه منسوخ بقوله تعالى: فَإِنْ أَرادا فِصالًا [البقرة: ٢٣٣] قالوا فنسخ تمام الحولين باتفاقهما على ما دون ذلك وهذا ليس بشيء، لأن الله تعالى قال: لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ [البقرة: ٢٣٣]، فلما قال:
فَإِنْ أَرادا فِصالًا. خيّر بين الإرادتين فلا تعارض.