وأيضاً لا يصحُّ أن قبرَها أُخفِي عن الصحابة ــ كما تدعيه الإمامية ـ، وقد وردَتْ آثارٌ كثيرة ـ على ضَعفِها وانقطاعِها ـ تُثبِتُ أنها في مقبرة البقيع، قريباً من زاوية دار عُقيل، ومُواجِه دار نُبيه.
وهذه الدُّورُ والمَواضع كلُّها قد زالَتْ، ودخلَتْ في التوسعة ــ واللَّهُ أعلم ــ.
ولا يكادُ أحَدٌ الآنَ يَعلَمُ قبرَاً مُعَيَّنَاً من القُبور التي ذُكرَتْ في عدد من النصوص ــ ذكرتُها بالتفصيل في كتابي الأصل ــ.
فالقبورُ تتغيَّر معالِمُها، وتندثرُ تماماً مع تعاقب القرون فكيف بتعاقب قرون طويلة تصل إلى خمسة عشر قرناً، وفي التاريخ ما يدُلُّ على تعاقب الدفن في البقيع ـ في نهاية القرن الأول ـ في موضع واحد دون معرفة بالسابق.
ولم يكن على قبرها ولا قبرِ أحَدٍ من المسلمين تَجصيصٌ، ولا قُبَّةٌ، ولا بناءٌ؛ لنهي النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، وإنما حدَثَ البناءُ على القبور في مكة والمدينة، وغيرِها، في زمن العُبيديين الباطنيين في القرن الخامس الهجري، ولقي استحساناً من الصوفية! !
قال السمهودي (ت ٩١١ هـ) - رحمه الله -: (وإنما أوجب عدمَ العِلْم بعين قبر فاطمة - رضي الله عنها - وغيرها من السلف، ما كانوا عليه من عدم البناء على القبور وتجصيصها .. ).