المَصدُوق ــ:«أن فاطمة لو سرقَتْ لقطعتُ يدها»! قالها مبالغة في إثبات الحدود وتطبيقها.
فلا محاباة في دين اللَّهِ لأحد، والشرع يُطبَّقُ على الكبير والصغير، وبيَّن - صلى الله عليه وسلم - أنَّ سبب هلاك الأمم السابقة حينما ميزت الناس في تطبيق العدل، فيطبق على الوضيع، ويترك الشريف، ثم أقسم بقيامه على ابنته فاطمة بالعدل كغيرها.
قال ابن تيمية - رحمه الله -: (وكان بنو مَخزوم من أشرف بطون قريش، واشتدَّ عليهم أنْ تُقطع يدُ امرأةٍ منهم، فبيَّن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ هلاك بني إسرائيل، إنما كان في تخصيص رؤساء الناس بالعفو عن العقوبات، وأخبر أنَّ فاطمة ابنته ــ التي هي أشرفُ النساء ــ لو سَرَقَتْ ــ وقد أعاذها اللُّهُ مِن ذلك ــ، لقَطَعَ يدَهَا؛ لِيُبَيِّنَ: أنَّ وجوبَ العدل والتعميم في الحدود، لا يُستثنى منه بنتُ الرسول، فضلاً عن بنتِ غيره).
وقال ابن حجر - رحمه الله -: (وإنما خَصَّ - صلى الله عليه وسلم - فاطمةَ ابنتَه بالذِّكر؛ لأنها أعزُّ أهلِه عندَه، ولأنه لم يبقَ من بنَاتِه حينئذٍ غيرُها (١)، فأراد المبالغة في إثبات إقامةِ الحَدِّ على كلِّ مُكلَّفٍ، وتَركِ المحابَاةِ في ذلك؛ ولأن
(١) يُشكل عليه أنَّ أم كلثوم - رضي الله عنها - توفيت في شعبان، سنة (٩ هـ)، كما في ترجمتها: «سير أعلام النبلاء» (٢/ ٢٥٣)، «الإصابة» (٨/ ٤٦٠)، والمرأة المخزومية سَرقَت عام الفتح (٨ هـ).