للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الجَوَابُ الثَّانِي]

وَأَيْضاً: فَإِنَّ الشَّفَاعَةَ أُعْطِيَهَا غَيْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فَصَحَّ أَنَّ المَلَائِكَةَ يَشْفَعُونَ، وَالأَوْلِيَاءَ يَشْفَعُونَ، وَالأَفْرَاطَ (١) يَشْفَعُونَ (٢).

أَتَقُولُ (٣): إِنَّ اللَّهَ أَعْطَاهُمُ الشَّفَاعَةَ، فَأَطْلُبُهَا (٤) مِنْهُمْ؟

فَإِنْ قُلْتَ هَذَا (٥)؛ رَجَعْتَ (٦) إِلَى عِبَادَةِ الصَّالِحِينَ الَّتِي ذَكَرَ (٧) اللَّهُ فِي كِتَابِهِ.

وَإِنْ (٨) قُلْتَ (٩): لَا؛ بَطَلَ قَوْلُكَ: (أَعْطَاهُ اللَّهُ (١٠) الشَّفَاعَةَ (١١)، وَأَنَا أَطْلُبُهُ (١٢) مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ (١٣).

* * *


(١) «الأَفْرَاطُ»: مَنْ مَاتَ مِنَ الوَلَدِ قَبلَ البُلُوغِ، وَأَصْلُهُ مِنْ (فَرَطَ)؛ أَيْ: سَبَقَ وَتَقَدَّمَ. مَشارِق الأَنْوَار للقَاضِي عِيَاض (٢/ ١٥١).
(٢) في و، م: «والأفراط يشفعون، والأولياء يشفعون» بتقديمٍ وتأخيرٍ، وفي ز: «والأنبياء يشفعون، والأفراط يشفعون، والأولياء يشفعون».
(٣) في ب، هـ: «أتقولون»، وفي د: «تقول»، وفي ز: «أن تقول»، وفي ي: «فنقول».
(٤) في هـ: «وأطلبها»، وفي ز: «فأنا أطلبها»، وفي ط: «وأنا أطلبها».
(٥) في أ زيادة: «وجوزت دعاء هؤلاء».
(٦) في ي: «فقل له: وإن قلت هذا؛ رجعت»، وكتب فوقها: «نسخة».
(٧) في ج، هـ، و، ز، ط، ي، ك، ل: «ذكرها».
(٨) في ز، ح: «فإن».
(٩) في ي: «فقل له» وهو خطأ، ومن قوله: «هَذَا؛ رَجَعْتَ» إلى هنا ساقط من ب.
(١٠) «اللَّهُ» ليست في ح، ي.
(١١) «أَعْطَاهُ اللَّهُ الشَّفَاعَةَ» ساقطة من ب.
(١٢) في ط، ي: «أطلب».
(١٣) في أ زيادة: «وإن قلت: أطلب من النبي خاصة؛ لأنه أفضل الخلق وأكرمهم على اللَّه، بطل قولك: وطلبه مما أعطاه اللَّه عبادة، فإن قال: إنهم لم يكفروا بدعاء الملائكة والأنبياء، وإنما كفروا لمَّا قالوا: الملائكة بنات اللَّه، ثم نحن لم نقل: إن عبد القادر ولا غيره ابن اللَّه. فالجواب: إن نسبة الولد إلى اللَّه كفر مستقل، ولو لم يزعم أن اللَّه اتخذ ولداً، قال اللَّه تعالى: {قل هو اللَّه أحد} الذي لا نظير له، و {الصمد}: المقصود في جميع الحوائج، فمن جحد هذا؛ فقد كفر، ولو لم يجحد آخر السورة، ثم قال: {لم يلد ولم يولد} فمن جحد هذا؛ فقد كفر، ولو لم يجحد أول السورة، قال اللَّه تعالى: {ما اتخذ اللَّه من ولد وما كان معه من إله} ففرِّق بين النوعين، واجعل كلاً منهما كفراً مستقلاً، قال اللَّه تعالى: {وجعلوا للَّه شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون} فقرن بين الكفرين، والدليل على هذا أيضاً: إن الذين كفروا بدعاء اللات مع كونه رجلاً صالحاً لم يجعلوه ابن اللَّه، والذين كفروا بعبادة الجن لم يجعلوهم كذلك، وكذلك العلماء في جميع المذاهب الأربعة يذكرون في (باب حكم المرتد): أن المسلم إذا زعم أن للَّه ولداً؛ مرتد، وإن أشرك باللَّه فهو مرتد، فيفرقون بين هذا وهذا، وهذا واضح غاية الوضوح، وإن قال: {ألا إن أولياء اللَّه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} فقل: هذا هو الحق ولكن لا يُعبدون، ونحن لم ننكر إلا عبادتهم مع اللَّه وإشراكهم معه، وإلا فالواجب عليكم حبهم واتباعهم والإقرار بكراماتهم، ولا يجحد كرامات الأولياء إلا أهل البدع والضلال، ودين اللَّه وسط بين طرفين وهدى بين ضلالتين وحق بين باطلين».
وجاءت هذه الزِّيادةُ بسياقٍ مُقَاربٍ مُؤَخَّرةً في بعض النُّسَخ، انظر: (ص ١٠٠).

<<  <   >  >>