للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَا قَوْمَ حِمْيَرٍ عَبَدْتُم نَسْرًا ... فَهَلْ نَسِيتُمْ بَارِئَ الْأَكْوَانِ؟

أَتَعْكُفُونَ لِلْهَوَى تَعَبُّدًا؟ ... فَقَدْ حُرِمْتُم نِعْمَةَ الْغُفْرَانِ

نَحَرْتُمُ النُّذُورَ فِي جَهَالَةٍ ... فَالْجَهْلُ ضَارِبٌ بِلَا حُسْبَانِ

بَلْ وَمِنَ الْحَرْثِ جَعَلْتُمْ جُزْءًا ... فَأَطْعِمُوهُ تِلْكُمُ الْأَوْثَانِ

وَلَمْ نَجِدْ سَائِبَةً نَاجِيَةً (١) ... فَذَلِكُمْ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ

أَمَّا الْبَحِيرَةُ فَأَضْحَتْ نَذْرًا (٢) ... أَمَا سَئِمْتُم عِيشَةَ الْخُسْرَانِ

نَذَرْتُمُ الحَامِيَ فِي سَفَاهَةٍ (٣) ... مَعَ الْوَصِيلَةِ فِدَا الْقُرْبَانِ (٤)

وَمِنْكُمُ الصَّابِئُ بَلْ وَمُشْرِكٌ ... فُجُوْرُهُ كَالْمَاجِنِ السَّكْرَانِ

بَلْ وَمَجُوسِيٌّ هَوَتْهُ نَارُهُ ... عَبَدَهَا بِالْقَلْبِ وَالْوِجْدَانِ (٥)

أَشْرَقَ فِي الدُّجَى رَسُولُ رَحْمَةٍ ... يَهْدِي إِلَى شَرِيعَةِ الْإِحْسَانِ

يُنِيرُ لِلْخَلْقِ دُرُوبَ ظُلْمَةٍ ... يَدْعُو إِلَى عِبَادَةِ الرَّحْمَن


(١) السَّائِبَةُ: كانوا يسيبونها لِأَصْنَامِهِم وهي النَّاقَةُ إذا تابعت بين عشر إنَاثٍ ليس بينهن ذَكَر.
(٢) البَحِيرَةُ: النَّاقةُ الَّتِى تُشَقُّ أُذُنُهَا كانوا إذا ولدت النَّاقَةُ خَمْسَةَ أبطن بَحَرُوا أُذُنَهَا.
(٣) الحَامِي: الفَحْلُ مِنَ الإبِلِ الَّذِي قد حُمِيَ ظَهْرُهُ مِنْ أنْ يُرْكَبَ بتتابع أولادٍ تكون مِنْ صُلْبِه، وكانت العَرَبُ إذا أنتجت مِنْ صلب الفحلِ عشرة أبطن قالوا حمي ظهره فلا يحمل عليه شيءٌ ولا يُمْنَعُ مِنْ مَاءٍ ولا مَرْعَى.
(٤) الوَصِيْلَةُ: الأنْثَى مِنَ الْغَنَمِ إِذَا ولدت أُنْثَى مَعَ الذَّكَرِ قالوا أوصلت أخَاهَا فلم يذبحوه، وقال أهْلُ اللُّغَةِ: كانت الشَّاةُ إذا ولدت أُنْثَى فهي لهم وإذا ولدت ذَكَرًا ذبحوه لآلهتهم.
(٥) كانت هذه الدِّيَانَاتُ هى دِيَانَاتُ الْعَرَبِ حين جاء الإسْلَامُ، وقد أصاب هذه الدِّيانات البَوَارُ والانْحِلالُ، فالمُشْرِكُونَ الَّذِين كَانُوا يَدَّعُونَ أنَّهم على دين إبراهيمَ عليه السَّلام كانوا بعيدين عن أوامر وشريعةِ نبيِّ الله إبراهيمَ وما أتت به مِنْ مَكَارِمِ الأخْلَاقِ واليَهُودِيَّةُ انقلبت رِيَاءً وتَحَكُّمًا وصار رؤساؤها أرْبَابًا مِنْ دون الله يَتَحَكَّمُونَ فِي النَّاسِ هَمُّهُمُ الْمَالُ والرِئَاسَةُ وإنْ ضَاعَ الدِّينُ.
-
والنَّصرانيَّةُ عَادَتْ وثنيَّة عَسِرَة الفَهْمِ وأَوْجَدتْ خَلْطًا بين الله والإنْسَان، وذلك خَلْطٌ عَجِيبٌ يتنافى مَعَ الفِطْرَةِ الَّتِى فَطَرَاللهُ النَّاسَ عليها.
-
وأمَّا سَائِرُ أدْيَانِ الْعَرَبِ فكانت أحوال أهلها كأحوال المشركين، فقد تشابهت قُلُوبُهُمْ وتواردتْ عَقَائِدُهُمْ وتوافقتْ تَقَالِيدُهُمْ.

<<  <   >  >>