للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان الشِّعر في الجاهليَّة عند العرب ديوان علمهم ومُنْتَهَى حكمهم به يأخذون وإليه يصيرون (١).

ومن كل ما سبق أَخُصُّ الطَّيِّبَ مِنَ الشِّعْرِ حتَّى لا نكون من الذين قال الله فيهم: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء: ٢٢٤]، فنأخذ من الشِّعر كل ما يدعو إلى الفضائل والبعد عن الرَّذائل؛ حتَّى نحقق تقوى الله سبحانه وتعالى، ونرجو بذلك المغفرة والرِّضوان.

الشِّعر: هو الكلام البليغ، المبني على الاستعارة والأوصاف، المفصل بأجزاء مُتَّفِقَةٍ في الوزن والرَّوِيِّ، مستقل كل جزء منها في غرضه ومقصده عما قبله وبعده، الجاري على أساليب العرب المخصوصة (٢).

وقد أخذ الخليل والأخفش تلميذه ما حَظِيَ بالاستحسان وغطَّى ما عداه من الأوزان. والتزمت الحفاظ على الوزن والقافية؛ لأنَّهما اللَّذان يضبطان الموسيقى الظَّاهرة في الشِّعر، وسميت القافية بهذا الاسم لأنَّها تقفو إثر كل بيت وهي حِلْيَة موسيقية تزين الكلام.

والقوافي عند الخليل ما بين آخر حرف إلى أول حرف ساكن يليه مع المتحرك الَّذِي قبل الساكن «وَقَافِيَةٌ بَيْنَ الثَّنِيَّةِ وَالضِّرْسِ».

واستخدمت الألف رِدْفًا، والرِّدْفُ هو حرف مد يأتي قبل الرَّوِيّ وحروف المد هي (الألف، الواو، الياء) ومثال على ذلك:

بَدْرُ الْهُدَى قَدْ أَشْرَقَتْ أَنْوَارُهُ ... كَالْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ فِي الْعَلْيَاءِ

وأما الرَّوِيُّ من الرِّوَاءِ وهو الحبل الَّذِي يضم شيئًا إلى شيء، فالرَّوِيُّ يشد أجزاء البيت ويوصل بعضها ببعض أو يربط أبيات القصيدة بعضها ببعض ربطًا شكليًا متمثِّلاً


(١) انظر كتاب طبقات فُحُول الشُّعَرَاء لابن سَلَّام الْجُمَحِيّ ص ١ - ٣٤
(٢) انظر كتاب فِي علم القافية د/أمين علي السيد (ص ٥٠ - ٨٥)

<<  <   >  >>